المملكة المتحدة تُعزّز علاقاتها التجارية مع المغرب

في خطوة استراتيجية جديدة، قررت المملكة المتحدة تجديد التزامها وتعزيز تعاونها التجاري والاقتصادي مع المغرب، معتبرة إياه شريكًا “متزايد الأهمية” في مجال التجارة والاستثمار. جاء ذلك على لسان وزير السياسة التجارية البريطاني، دوغلاس ألكسندر، خلال زيارة رسمية للرباط، حيث شدّد على أن المغرب بات يشكّل محورًا محوريًا لتحفيز النمو الاقتصادي البريطاني، عبر فرص في عدة قطاعات استراتيجية. وقد نُقل عن الوزير أن الحكومة البريطانية تعتبر التوسع الاقتصادي المشترك وتبادل الاستثمارات بين البلدين ركيزة أساسية لتعميق هذه العلاقات، وفق ما نشره موقع Detafour.

زيارة وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، التي استُهلت في نهاية يونيو 2025، مثّلت فرصة لتوقيع سلسلة من الاتفاقيات تشمل دعم البنية التحتية بالمغرب، وبناء قدرات مستدامة في مجالات المياه والموانئ، كما تركزت الشراكة حول تقنيات “اللوجستيك الذكي” والطاقة الخضراء، إضافة إلى تحضير مشترك لاستقبال المغرب لكأس العالم 2030. وتم ذكر تخصيص نحو 200 مليون جنيه إسترليني لدعم التدبير المستدام لهذه القطاعات الحيوية.

من الجدير بالذكر أن حجم التبادل التجاري بين المملكة المتحدة والمغرب شهد ارتفاعًا ملحوظًا في 2024، إذ قفز من نحو 3.6 مليار إلى 4.2 مليار جنيه إسترليني في أعقاب تطبيق “اتفاقية الشراكة والتعاون”، الموقعة منذ يناير 2021. ويُفسَّر هذا النمو بزيادة الطلب البريطاني على المنتجات المغربية كالخضروات والفواكه، بينما يُصدّر المغرب خدمات وبضائع بريطانية مثل السيارات والآليات الصناعية.

التعاون لم يكن محصورًا بالاقتصاد فحسب، بل تعداه ليشمل الأمن والطاقة: فالمملكة المتحدة تدعم مبادرات المغرب في مكافحة الهجرة غير النظامية، وتعزيز قدرات التصدي للجريمة المنظمة عبر تحالفات استخباراتية، كما ترتكز الشراكة على دعم تحول المغرب نحو الطاقة النظيفة، والمساهمة في مشاريع محلية كجزء من مساعي توريد الطاقة المستدامة لأوروبا.

كما تم في هذا الإطار تعيين بن كولمان سفيرًا تجاريًا للمغرب وغرب إفريقيا بداية عام 2025، ضمن آلية “السفراء التجاريين” التي أطلقتها الحكومة البريطانية لتعزيز حضور الشركات في الأسواق الناشئة، وتسهيل دخول الشركات البريطانية إلى السوق المغربية.

قراءة تحليلية وتداعيات

يمكن تفكيك دلالات هذا التوجه في عدة محاور: اقتصاديًا، تسعى لندن إلى تعويض فقدانها للأسواق الأوروبية بعد البريكست عبر تعزيز حضورها في إفريقيا، والمغرب يوفّر بوابة استراتيجية بفضل موقعه وثقله التجاري. استراتيجيًا، الرسالة واضحة: المغرب مطلوب كشريك في مشاريع كبرى كالبنية التحتية، الرياضة، والطاقة المتجددة، خصوصًا مع الاستعداد لاستضافة كأس العالم 2030. يعزز هذا التوجه كذلك الأمن والاستقرار المشترك بين البلدين، لا سيما في مجابهة الجريمة المنظمة والهجرة، وهو ما ينسجم مع أولويات السياسة الخارجية البريطانية. من جهة أخرى، تستفيد الشركات البريطانية من هذه الشراكة عبر فرص استثمارية جديدة في مشاريع المياه والموانئ والخدمات اللوجستية. أما المغرب، فتعزز هذه الشراكة موقعه كمركز إقليمي استراتيجي للطاقة واللوجستيك في إفريقيا.

الخلاصة

تجديد التزام المملكة المتحدة بتعزيز علاقاتها الاقتصادية مع المغرب يعكس رؤية سياسية واقتصادية واضحة توجه بريطانيا نحو إفريقيا. المغرب يخرج من هذا التوجه بحشد شراكاته الاستراتيجية، وفرص جديدة للنمو، في حين تستفيد بريطانيا من تحصين أمنها الاقتصادي والابتكار عبر شريك يعلى عليه قيم التكامل والمصالح المتبادلة.

الناشر والمصدر: موقع Detafour و24saa ومتابعات وكالة المغرب العربي للأنباء، بناءً على تصريحات رسمية لدوغلاس ألكسندر وديفيد لامي، بتاريخ 27 يونيو 2025.

#المغرب #بريطانيا #الشراكة_الاقتصادية #الاستثمار #الطاقة_المتجددة #اللوجستيك #التبادل_التجاري #الموانئ #_

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.