تداعيات الحرب الاسرائيلية الايرانية على الأمن النفسي العالمي

في خضم التصعيد العسكري المستمر بين إسرائيل وإيران، تبرز أزمة جديدة لا تقل خطورة عن الخسائر البشرية والمادية: التأثير العميق لهذه الحرب على الأمن النفسي العالمي. فالتوترات الإقليمية التي امتدت إلى مشارف حرب مفتوحة، تجاوزت حدود السياسة والجغرافيا، لتلامس مشاعر القلق والخوف وعدم اليقين في أذهان شعوب العالم.

1. تصاعد مشاعر القلق الجماعي

يشهد العالم منذ بداية الحرب تزايدًا ملحوظًا في معدلات القلق والتوتر بين الأفراد، خصوصًا في المناطق المجاورة أو المرتبطة سياسيًا بالأطراف المتحاربة. وتؤكد تقارير من منظمات صحية عالمية تسجيل ارتفاع في استشارات الصحة النفسية المرتبطة بالخوف من اندلاع حرب شاملة أو استخدام أسلحة غير تقليدية.

2. عودة الهواجس النووية

مع تكرار الحديث عن احتمالية استهداف منشآت نووية إيرانية، أو ردود إيرانية حادة قد تشمل قواعد أمريكية أو إسرائيلية، تصاعدت المخاوف من سيناريوهات “القيامة النووية”، مما أعاد إلى الواجهة مشاعر عاشها العالم خلال الحرب الباردة، خصوصًا بين الشباب الذين لم يعتادوا على التفكير في مثل هذه الكوارث.

3. اضطراب الثقة بالمستقبل

أثر النزاع أيضًا على شعور الأفراد بالاستقرار العام. فقد باتت خطط السفر، والاستثمار، والهجرة، والتعليم، والعمل، تتأثر جميعها بعدم اليقين، مما ولّد موجات من التردد والخوف من القادم. هذه الأجواء أضعفت شعور الإنسان المعاصر بإمكانية السيطرة على مستقبله أو التخطيط لحياته بثقة.

4. إرهاق نفسي ناتج عن التغطية الإعلامية المكثفة

ساهمت شبكات الأخبار، ومواقع التواصل الاجتماعي، في تعزيز حالة القلق الجماعي عبر بث مشاهد دمار وتهديدات متبادلة على مدار الساعة. كما أن بعض الوسائل تلجأ للتهويل أو نشر معلومات غير مؤكدة، مما يخلق بيئة خصبة للهلع النفسي و”إرهاق الكوارث” (Disaster Fatigue)، الذي يؤدي بدوره إلى نوع من اللامبالاة القاتلة أو الاكتئاب الجماعي.

5. تأثر الجاليات في الخارج

الجاليات الإيرانية والإسرائيلية في دول المهجر، خصوصًا في أوروبا وأمريكا الشمالية، تعيش حالة من الضغط النفسي، نتيجة الخوف على الأهل، وازدياد خطاب الكراهية، وحتى احتمال تعرضهم لهجمات أو مواقف عدائية في أماكن عملهم أو دراستهم.

6. آثار الحرب على الأطفال والشباب

باتت وسائل الإعلام تنقل الحرب بلغة بصرية مباشرة، وهو ما يعرض فئات عمرية حساسة – مثل الأطفال والمراهقين – لصور العنف والخوف. هذه المشاهد تؤدي إلى اضطرابات نوم، قلق اجتماعي، ونظرة قاتمة للمستقبل، مما يعمّق الأثر النفسي طويل الأمد.

7. الحاجة لتدخل دولي في دعم الصحة النفسية

في ظل هذه المعطيات، يبرز دور المؤسسات الدولية والمنظمات الحقوقية في دعم الصحة النفسية الجماعية عبر حملات توعية، وخطوط مساعدة نفسية، وتشجيع الإعلام على تقديم تغطية مسؤولة ومتوازنة. كما يوصى الحكومات بتوسيع خدمات الدعم النفسي في المدارس، أماكن العمل، والمراكز المجتمعية.

وفي ختام هذا التحليل، يتضح أن الأمن النفسي بات عنصراً حيوياً ضمن تداعيات النزاعات الدولية، ولا يمكن تجاهله باعتباره مسألة “فردية”. فالأزمات السياسية والعسكرية الكبرى اليوم لم تعد تؤثر فقط في الجغرافيا والاقتصاد، بل باتت تنسف توازن الإنسان الداخلي أينما كان، مما يجعل تعزيز السلام والوساطة أولويات إنسانية عاجلة.

#الأمن_النفسي #الحرب_الإسرائيلية_الإيرانية #صحة_نفسية #قلق_العالم #الشرق_الأوسط #أخبار_عاجلة

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.