أعلنت فاطمة الزهراء المنصوري، وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، في حصيلة محينة للبرنامج الحكومي المتعلق بالدعم الاجتماعي في مجال السكن، عن تحسن ملحوظ في أعداد الطلبات والمستفيدين من هذا البرنامج الذي يستهدف تمكين المواطنين من تملك سكنهم الخاص.
ففي كلمة لها خلال جلسة عامة للأسئلة الشفهية بمجلس النواب، كشفت الوزيرة أن عدد الطلبات المقدمة للاستفادة من الدعم الاجتماعي في السكن بلغ 128,528 طلبًا، فيما وصل عدد المستفيدين حتى الآن إلى 48,000 شخص، حصلوا على المساعدة المالية التي مكنتهم من تملك منازلهم.
تطرقت الوزيرة إلى المبالغ الإجمالية التي تم منحها للمستفيدين، حيث بلغ إجمالي المساعدات المقدمة 3.8 مليار درهم. وفي هذا الصدد، أوضحت المنصوري أن 54% من المستفيدين حصلوا على دعم قيمته 70,000 درهم، بينما استفاد 46% منهم من دعم قيمته 100,000 درهم، وهو ما يعادل تقريبا ثلث ثمن شراء السكن، وقد ساهم هذا الدعم بشكل كبير في تمكين العديد من الأسر المغربية من امتلاك مساكن خاصة بهم، مما يعكس نجاح البرنامج في تحقيق أهدافه الاجتماعية.
وفيما يخص الفئة المستفيدة، أشار التقرير إلى أن 22% من الطلبات المقدمة جاءت من مغاربة العالم، ما يعكس اهتمام هذه الفئة الكبيرة من المواطنين المغتربين بالحصول على دعم سكني يساهم في تيسير تملكهم للعقارات في المغرب. وتعتبر هذه النسبة مؤشرًا إيجابيًا على أهمية البرنامج في تحسين ظروف الحياة لمغاربة المهجر.
على الصعيد الاقتصادي، سجل البرنامج نتائج إيجابية تدعم القطاع العقاري والاقتصاد الوطني بشكل عام. فقد ارتفع مؤشر استهلاك الإسمنت بنسبة 11.64% في شهر فبراير 2025 مقارنة بالفترة نفسها من السنة الماضية، ما يعكس زيادة في النشاط العقاري نتيجة لهذا الدعم. كما شهدت القروض الموجهة للسكن زيادة بنسبة 2%، وهو ما يعكس تحسنًا في القدرة الشرائية للمواطنين في قطاع الإسكان.
وتعتبر المقاولات الصغرى من أبرز المستفيدين من هذه الدينامية الاقتصادية، حيث أفادت الوزيرة بأن أكثر من 80% من المقاولات الصغيرة والمتوسطة ساهمت في إنجاز مشاريع البناء المرتبطة بهذا البرنامج، ما يعزز من دور هذه المقاولات في تحريك عجلة الاقتصاد المحلي.
من حيث التوزيع الجغرافي للمستفيدين، بينت الوزيرة أن الأعداد الأكبر من المستفيدين يتركزون في بعض الجهات الكبرى، حيث تمثل جهة الدار البيضاء-سطات 35% من مجموع المستفيدين، تليها جهة فاس-مكناس بنسبة 31%، ثم جهة الرباط-سلا-القنيطرة بنسبة 12%. هذه التوزيعات الجغرافية تظهر أن المدن الكبرى تشهد أكبر عدد من المستفيدين من البرنامج، مما يساهم في تقليص الفوارق الاجتماعية بين مختلف المناطق.
من جهة أخرى، تطرقت الوزيرة إلى موضوع التعمير في المناطق القروية، حيث أعلنت عن تشكيل لجنة مشتركة مع وزارة الداخلية لإعادة النظر في القانون رقم 12.90 المتعلق بالتعمير، بما يتماشى مع خصوصيات العالم القروي. وأوضحت أن التعديلات المقترحة على هذا القانون تتطلب وقتًا طويلًا نظرًا لمرور 30 سنة على تطبيقه.
وقد شددت الوزيرة على أهمية تبسيط مساطر الحصول على رخص البناء في العالم القروي، مشيرة إلى أن الوزارة قامت منذ إصدار الدورية المشتركة بين الوزارتين بدراسة 68,600 ملف، تمت الموافقة على 36,931 منها. وتطرقت المنصوري إلى أن أكثر من 70% من هذه الملفات تخص قطع أراضٍ أقل من ألف متر مربع، ما يعكس الحاجة الملحة لإعادة تنظيم العمليات الإدارية في هذا المجال.
وفي إطار تحفيز الاستثمار، أكدت الوزيرة أن الحكومة تعمل على توسيع التغطية الجغرافية لوثائق التعمير، حيث تمت الموافقة على 346 وثيقة تعميرية و236 تصميم تهيئة، مما يساعد في توفير بيئة شفافة وآمنة للمستثمرين. وتطرقت أيضا إلى موافقة الحكومة على 107 تصاميم نمو، مما يوفر عرضًا ترابيًا قوامه أكثر من 120,000 هكتار مخصص للتعمير، بما في ذلك 55,800 هكتار موجهة للأنشطة الاقتصادية و61,900 هكتار للسكن.
على الرغم من النجاحات المسجلة في البرنامج، أشارت الوزيرة إلى أن هناك العديد من التحديات التي لا تزال قائمة، خاصة في المناطق القروية والجبلية التي تواجه صعوبات في الحصول على رخص البناء بسبب نقص الوثائق الإدارية، مما يستدعي إيجاد حلول محلية تراعي خصوصيات هذه المناطق.
وفي الختام، يظهر برنامج الدعم الاجتماعي في مجال السكن تقدماً ملحوظًا في تحسين ظروف السكن للمواطنين، مع تعزيز الاقتصاد الوطني من خلال زيادة النشاط العقاري واستثمار المقاولات الصغرى. كما أن الحكومة تسعى جاهدة لتحسين الإطار التشريعي والتنظيمي لتبسيط الإجراءات وتسريع حصول المواطنين على الرخص الضرورية للبناء، خاصة في المناطق القروية والجبلية.