أسدل الستار، اليوم الأحد 15 يونيو 2025، على فعاليات المؤتمر الدولي الثالث والعشرين للطب الإشعاعي، الذي احتضنه قصر المؤتمرات بمراكش على مدى أربعة أيام، بمشاركة أزيد من 500 طبيب وخبير وتقني، يمثلون مؤسسات رائدة من المغرب وخارجه، بما في ذلك فرنسا، المملكة المتحدة، ودول أخرى متقدمة في هذا المجال.
هذا الحدث العلمي البارز، المنظم من طرف الجمعية المغربية للطب الإشعاعي، جسّد محطة مفصلية ضمن جهود المملكة للنهوض بقطاع الأشعة والتصوير الطبي، كما شكل منصة مهنية لتقاسم المعارف حول أحدث التطورات في تشخيص الأمراض، خاصة الأورام، وتطبيقات الذكاء الاصطناعي في المجال الطبي.
وقد اختير لمؤتمر هذا العام محوران رئيسيان: التصوير في علم الأورام والذكاء الاصطناعي في التشخيص الإشعاعي، ما يعكس الأولويات الراهنة في مجال البحث والتطبيقات الطبية الدقيقة.
وفي كلمتها الافتتاحية، شددت الدكتورة سهام سلام، رئيسة الدورة، على أهمية تنظيم هذا المؤتمر في المغرب، مؤكدة أن النجاح التنظيمي والعلمي للدورة الحالية يعكس التقدم الذي أحرزته المملكة في مجال الطب الحديث، ويكرّس طموحها في التحول إلى مركز إشعاعي إقليمي.
من جانبها، أبرزت البروفيسور نجاة الشريف الإدريسي الگنوني، رئيسة الجمعية المغربية للطب الإشعاعي، أن توجيهات جلالة الملك محمد السادس نصره الله في مجال تطوير الصحة وتعزيز الابتكار العلمي شكلت أساسًا صلبًا لما تحقق من منجزات. وأكدت أن هذا المؤتمر يترجم التفاعل الإيجابي بين التكوين المستمر، وجودة الخدمات، والانفتاح على الشراكات الدولية.
وشهد المؤتمر تنظيم يوم تحضيري مخصص لتصوير المرأة، بشراكة مع الكلية الملكية البريطانية للأطباء المتخصصين في الأشعة، تميز بتقديم ورشات تطبيقية حول تقنيات التشخيص السريع والرنين المغناطيسي، خاصة في ما يتعلق بأمراض الحوض الأنثوي المعقدة مثل الأورام الليفية.
كما خُصّص حيز هام في أشغال المؤتمر لموضوع الذكاء الاصطناعي، حيث أجمع المتدخلون على أن هذه التقنية أصبحت اليوم ركيزة لا غنى عنها لتحسين دقة التشخيص الطبي وتطوير نماذج تحليلية تنبؤية، مع الدعوة إلى وضع أطر أخلاقية وتنظيمية تؤطر استخدامها، كما جاء في مداخلة الخبير الفرنسي جان-بيير تاسو.
وعلى مستوى علم الأورام، تم تقديم عروض دقيقة حول التصوير المتقدم للأورام السرطانية، سواء في الدماغ أو الرئة أو الجهاز الهضمي، إلى جانب أحدث الممارسات في تتبع فعالية العلاجات ومواكبة تطور الأمراض، كما أكد الدكتور عبد الرحيم عديل على ضرورة الاستثمار أكثر في التكوين والتجهيزات لضمان الارتقاء بجودة التشخيص.
إلى جانب الجانب العلمي، احتضن المؤتمر معرضاً مهنياً ضخماً استعرض أحدث المعدات في مجال التصوير الطبي، من أجهزة الموجات فوق الصوتية والماسحات الضوئية إلى حلول الذكاء الاصطناعي.
ولإضفاء طابع تفاعلي، خُصصت فضاءات ابتكارية تحت عناوين “قرية الذكاء الاصطناعي” و“قرية الأشعة التدخلية” و“قرية الموجات فوق الصوتية”، مكنت المشاركين من التفاعل المباشر مع التكنولوجيا الحديثة وتجريب نماذجها العملية.
بهذه الدينامية العلمية والاحترافية، يُرسّخ المغرب موقعه كمحور متقدم في الابتكار الطبي والإشعاعي، ويواصل تموقعه كفاعل وازن في منظومة الصحة الإقليمية والدولية.