بين الرأي والرأي الأخر…مستجدات جديدة في قضية مؤتمر الحركة الشعبية بسيدي بيبي

تحول مؤتمر محلي لحزب الحركة الشعبية، نظم يوم الأحد 9 نونبر الجاري بجماعة سيدي بيبي بإقليم اشتوكة آيت باها، إلى ساحة فوضى وصدامات عنيفة بين المشاركين، وفق ما أظهرته مقاطع فيديو وصور متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي من داخل القاعة التي احتضنت أشغال المؤتمر.

وأثارت هذه الأحداث جدلا واسعا داخل الحزب، بين من اعتبر المؤتمر قانونيا ومن رأى فيه تجاوزات وخروقات تنظيمية خطيرة، لتتباين الآراء بعدها حول شرعية الكاتب المحلي المنتخب من عدمها.

وفي محاولة لتقصي حقيقة ما وقع، تواصل موقع “الأول للأخبار” مع الحسين أوراص، الذي أوضح أن “المؤتمر التأسيسي للكتابة المحلية لحزب الحركة الشعبية بجماعة سيدي بيبي، انعقد تحت إشراف المنسق الإقليمي للحزب بإقليم اشتوكة أيت باها، بحضور مناضلات ومناضلي الحزب وممثلي الهيئات المحلية والفعاليات المجتمعية، وافتتح المؤتمر بكلمة ترحيبية تلتها كلمة المنسق الإقليمي، الذي ركز على أهمية تنظيم العمل الحزبي المحلي وتعزيز حضور الحزب في الجماعة وخدمة المواطنين.”

وبخصوص ما قيل عن وجود مرشح ثانٍ منافس له، أكد أوراص أن “اللجنة التحضيرية قد توصلت بترشيح واحد لمنصب الكاتب المحلي، وتم انتخابي ككاتب محلي للحزب، كما تم تشكيل مكتب محلي يضم كفاءات شابة وملتزمة بخدمة الصالح العام.”

وأضاف أن “المؤتمر عرف بعض محاولات التشويش العابرة من طرف الكاتب الإقليمي السابق الذي تمت إقالته منذ شهور من قبل الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، بمساعدة بعض زملائه، والتي أدت إلى بعض الخسائر في الممتلكات الخاصة، ونحن بدورنا نقول إن مثل هذا السلوك ليس مقبولا.”

في المقابل، تواصل الموقع مع وئام كايزي، المنتمية للحزب ذاته، التي قدمت رواية مغايرة لما حدث داخل المؤتمر. وقالت: “بصفتي مناضلة داخل الحزب، أجد نفسي مضطرة لتوضيح مجموعة من النقاط بخصوص حضوري لأشغال المؤتمر المحلي لجماعة سيدي بيبي، وذلك بعد تداول عدد من المغالطات والتأويلات التي لا تمت للواقع بصلة.”

وأضافت: “أؤكد بداية أن حضوري للمؤتمر لم يكن بدافع السعي لأي منصب أو غاية شخصية، وإنما بدافع الغيرة الصادقة على الحزب الذي كنت أعتبر نفسي جزءاً منه، وبدافع الإيمان بالنضال كقيمة أصيلة تجري في عروقي. حضوري جاء استجابة لنداءات عدد من المناضلين والمناضلات الذين تم تهميشهم وتعويضهم بأشخاص لا تربطهم أي علاقة تنظيمية أو نضالية بالحزب، وهو ما اعتبرته واجباً نضالياً وأخلاقياً.”

وأردفت قائلة “شاركت في المؤتمر بصفتي الحزبية والإعلامية من أجل توثيق الاختلالات التنظيمية التي شابته، والتي يمكن تلخيص بعضها فيما يلي: اختلالات تنظيمية واضحة تمثلت في استغلال المنصة للبروز الشخصي، وعدم احترام البروتوكولات والقوانين المنظمة للجموع العامة للأحزاب. إذ لا يحق للمنسق الإقليمي أو من معه الجلوس على المنصة، لأنها مخصصة للجنة التنظيمية فقط. كما لا يحق لرئيس اللجنة التحضيرية — الذي رشح نفسه وحيداً للكتابة المحلية — أن يكون بالمنصة لما في ذلك من تأثير على حياد وديمقراطية المؤتمر.”

وتابعت “كما تم تسجيل تجاوزات في إلقاء الكلمات، حيث ألقى المنسق الإقليمي كلمته رغم أن صلاحياته محدودة في التنسيق مع السلطة فقط، كما تم السماح لشخص التحق أقل من أسبوع بالحزب لا تربطه أي علاقة تنظيمية أو ترابية بالجماعة (رشيد بوگرن) بإلقاء كلمة، وهو خرق واضح لمبدأ احترام الهياكل التنظيمية.”

واسترسلت في حديثها قائلة “ورغم كل هذه الاختلالات، تغاضينا عنها حرصا منا على تهدئة الأجواء وإنجاح المؤتمر. لكن الأمور بلغت ذروتها حين تم رفض ترشيح قانوني ومشروع مقدم لأحد أعضاء اللجنة التنظيمية قبل أسبوع، في تجاوز سافر لاختصاصات المنسق الإقليمي ومن معه. هذا الرفض لمبدأ الديمقراطية والاختيار الحر فجر موجة غضب وسط المناضلين، بعدما اتضح أن الهدف هو فرض التعيين بدل الانتخاب، خوفا من نتيجة صناديق التصويت.”

وأضافت المتحدثة ذاتها “أما الاتهامات التي وجهت لنا بـ’البلطجة’، فهي مردودة على أصحابها. البلطجة الحقيقية هي رفض الديمقراطية، وهي فرض التعيينات، وهي الإقصاء الممنهج للمناضلين الحقيقيين، وبصفتي الشخصية، أندد بما تعرضت له من تهديد علني من طرف ابنة من تدعي أنها كاتبة إقليمية للمرأة، رغم أنني لم أشارك في مؤتمر المنظمة النسائية ولا أعير للمنظمة أي اهتمام، بل اقتصرت على الدفاع عن تأسيس الكتابة المحلية فقط. وقد أشهد الحاضرين على هذا التهديد الذي أعتبره سلوكاً غير أخلاقي ومرفوضاً تماماً.”

واعتبرت وئام أن “ما حدث في محلية سيدي بيبي مهزلة سياسية وتنظيمية أبطالها من يدعون النضال بينما يمارسون الإقصاء والتحكم، وأعتبر نفسي شاهدة على هذه الممارسات وفاعلة في فضحها، لا مشاركة فيها.”

وختمت كلامها بالتأكيد على أن “ما حدث ليس سوى نتيجة مباشرة للتسيير الفاشل للقيادات الحزبية على المستويين الإقليمي والوطني، والتي فقدت البوصلة الديمقراطية، وجعلت الحزب يعيش حالة من الانقسام والتراجع. وأجدد التزامي بالدفاع عن قيم الديمقراطية، الشفافية، والكفاءة، إيماناً مني بأن النضال الحقيقي لا يقاس بالمناصب بل بالمواقف.”

وتبقى هذه الأحداث، حسب متابعين، مؤشرا جديدا على عمق الخلافات التنظيمية التي يعيشها حزب الحركة الشعبية في اقليم اشتوكة ايت باها، في ظل صراعات داخلية باتت تهدد بتفكك بنيته القاعدية وفقدانه لتماسكه الداخلي قبل الاستحقاقات المقبلة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.