أرقام اقتصادية حَيَّدت الأردن وشَلَّت تحركاته تجاه غزة
هل بهذه الأرقام نتوقع من الأردن أن تتحرك ويكون لها دور مؤثر لانهاء الإبادة؟
وفقًا للمعلومات المتاحة، حصل الأردن على دعم مالي واقتصادي كبير من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والدول المانحة الأخرى خلال عام 2024:
1. الولايات المتحدة الأمريكية:
التزمت الولايات المتحدة بتقديم 1.45 مليار دولار سنويًا من المساعدات الاقتصادية والعسكرية للأردن ضمن مذكرة تفاهم مدتها سبع سنوات (السنة المالية 2023-2029). منها 845 مليون دولار كتحويل نقدي مباشر لدعم الميزانية والإصلاحات الاقتصادية.
2. الاتحاد الأوروبي:
– وافق الاتحاد الأوروبي على تقديم مساعدة مالية كلية جديدة للأردن بقيمة 500 مليون يورو على شكل قروض.
– سبق للاتحاد الأوروبي أن قدم منحًا للأردن بقيمة 364 مليون يورو، بالإضافة إلى 25 مليون يورو من مرفق الغذاء والقدرة على المنعة.
– تعهد الاتحاد الأوروبي بتقديم 3 مليارات يورو للأردن في شكل تمويل واستثمارات ضمن شراكة استراتيجية، للأعوام 2025-2027 وتشمل منحًا واستثمارات ومخصصات لدعم الاقتصاد.
3. الدول المانحة الأخرى:
– وفقًا لوزارة التخطيط والتعاون الدولي الأردنية، بلغت قيمة المساعدات الخارجية من المنح والقروض الميسرة الملتزم بها والموقعة خلال الفترة من يناير حتى نهاية يوليو 2024 حوالي 2.067 مليار دولار أمريكي.
– المساعدات النقدية للاجئين: حصلت مفوضية اللاجئين في الأردن على 61 مليون دولار كمساعدات نقدية استفاد منها 301 ألف لاجئ في عام 2024، مع الإشارة إلى أن المفوضية لم تتلق سوى 14% من متطلباتها المالية لعام 2024 (51.789 مليون دولار من أصل 374.786 مليون دولار).
– سنة 2024 تلقى الأردن تحويلًا بقيمة 38.6 مليون دولار من السعودية كجزء أخير من منحة سابقة. استمرت الاستثمارات الخليجية في الأردن وشكلت حصة كبيرة من الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
4. حجم الاعتماد وتأثيراته على السيادة الاقتصادية والسياسية للأردن:
تلقى الأردن خلال النصف الأول من عام 2024 حوالي 2.067 مليار دولار من المساعدات الخارجية (منح وقروض). وتتوقع الولايات المتحدة تقديم حوالي 2.1 مليار دولار للأردن في عام 2025، مما يدل على استمرار تدفق الدعم الخارجي الكبير:
الدين العام: انعكس هذا الاعتماد على ارتفاع الدين العام الأردني. في سبتمبر 2024، بلغ الدين الحكومي كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي 91.2%، وقد ارتفع هذا الرقم في السنوات الأخيرة. هذا يشير إلى أن جزءًا كبيرًا من نفقات الحكومة يتم تمويله عبر الاقتراض.
دعم الموازنة: تُستخدم نسبة كبيرة من المساعدات الخارجية، وخاصة المنح والقروض الميسرة، لدعم الموازنة العامة للدولة. هذا يساعد الحكومة على تغطية نفقاتها الجارية وتقليل العجز المالي، لكنه يقلل من الحافز لإجراء إصلاحات هيكلية جذرية في بعض الأحيان.
الاستقرار الاقتصادي: تلعب المساعدات دورًا حيويًا في الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي والمالي للأردن، خاصة في ظل التحديات الجيوسياسية. فهي تساهم في تعزيز احتياطيات البنك المركزي من العملات الأجنبية، مما يدعم استقرار سعر صرف الدينار الأردني.
القطاعات الحيوية: يتم توجيه جزء من المساعدات لدعم قطاعات حيوية مثل المياه والطاقة والصحة والتعليم، مما يساهم في التنمية وتحسين مستوى الخدمات.
إن اتكالية الاقتصاد الأردني على المساعدات الخارجية، خاصة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبعض دول الخليج، لها تأثيرات معقدة ومتعددة الأوجه على استقلالية الأردن السياسية وقدرته على اتخاذ القرارات الإقليمية. يمكن تلخيص هذه التأثيرات في النقاط التالية:
1. الشروط المانحة: غالبًا ما تأتي المساعدات الخارجية، وخاصة من المؤسسات المالية الدولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، مصحوبة بشروط وإصلاحات اقتصادية. هذه الشروط قد تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على القرارات السياسية الداخلية للأردن.
2. التأثير على السياسة الخارجية: الدول المانحة الكبرى، مثل الولايات المتحدة، تستخدم المساعدات كأداة للسياسة الخارجية. هذا يعني أن الأردن، كمتلقي رئيسي للمساعدات، قد يجد نفسه مضطرًا لمواءمة بعض مواقفه السياسية الإقليمية مع مصالح الدول المانحة لضمان استمرارية تدفق الدعم. على سبيل المثال، تاريخيًا، ارتبطت المساعدات الأمريكية للأردن بدوره في عملية السلام في الشرق الأوسط وعلاقاته مع إسرائيل.
3. الضغوط الناعمة: قد تمارس الدول المانحة “ضغوطًا ناعمة” على الأردن لتشجيعه على اتخاذ قرارات معينة أو تجنب أخرى، خاصة في القضايا الحساسة التي تمس مصالحها الأمنية أو الاقتصادية في المنطقة.
الأردن يحاول الموازنة بين واقعه الصعب الذي يفرض عليه قيودًا، وبين الضغط الشعبي والواجب الأخلاقي والقومي تجاه القضية الفلسطينية. القرارات التي تتخذها القيادة تُبنى على حسابات معقدة لضمان بقاء الدولة واستقرارها، مع الاستمرار في دعم القضية بكل الأدوات الممكنة دبلوماسيًا وإنسانيًا.