بقلم أيوب الرماش
رغم ما تزخر به الواجهة البحرية لإقليم اشتوكة آيت باها من مؤهلات طبيعية وثقافية، تمتد على طول الشريط الساحلي من جماعة سيدي بيبي مرورا بإنشادن وصولا إلى سيدي وساي وماسة، فإن هذا الامتداد الساحلي ظل لسنوات طويلة خارج حسابات التنمية المجالية، وكأن البحر هنا لا يعني شيئًا لصنّاع القرار.
في غياب كورنيشات عصرية، ومراكز مهيكلة للصيد الساحلي، تتحوّل شواطئ الإقليم إلى فضاءات منسية، لا تستفيد من جمالها الطبيعي، ولا من إرثها الثقافي، ولا من ثرواتها البحرية. والمفارقة أن هذا الإهمال لا يقف عند حدود التهميش، بل تعدّاه إلى ما هو أخطر: التدمير الممنهج للبنية الثقافية والاجتماعية التي راكمها سكان الساحل على مدى عقود.
ففي السنوات الأخيرة، شهد الإقليم موجة من الهدم طالت العديد من قرى الصيادين التقليديين، تحت ذريعة تحرير الملك البحري أو محاربة البناء العشوائي. قرى الصيد في “تماونزا”، و”تفنيت”، و”إمي واسيف” وغيرها، تم تفكيكها بالجرافات، وتُرك مئات الصيادين يواجهون المصير الغامض بعد أن جُردوا من بيوتهم وقواربهم ومعاشهم.

لقد كان البحر مورد رزق وركنا من هوية السكان. وكان الصيد، إلى جانب الفلاحة، يشكل عماد الحياة اليومية ومصدر عيش كريم لأجيال متعاقبة. أما اليوم، فإن هذا التراث المزدوج، البحري والفلاحي، يتآكل أمام أعين الجميع، دون أن تظهر بوادر مشاريع بديلة تحفظ كرامة الناس أو تعيد لهم الثقة في المستقبل.
ويزداد الألم حين نرى كيف تُهدر الفرص على الإقليم، في وقت كان بإمكانه أن يصبح نموذجاً في التنمية الساحلية المستدامة، تجمع بين السياحة البيئية، والصيد المنظم، والفلاحة الذكية. لكن من الواضح أن المنطقة لا تزال عالقة في هامش السياسات العمومية، تُكتَب عنها التقارير، وتُعدّ لها الدراسات، دون أن يتحقق شيء على الأرض.
إن اشتوكة آيت باها لا تحتاج إلى وعود، بل إلى رؤية حقيقية تنبع من واقعها، وتحترم تاريخها، وتمنح سكانها حقهم في العيش الكريم على أرضهم، قرب بحرهم، وبما ينسجم مع هويتهم وأحلامهم.