الاحتجاجات الأخيرة التي شهدتها مدن مغربية كثيرة كان لها أثر مباشر على الإعلام العمومي، إذ دفعت بعض القنوات إلى فتح نقاشات متلفزة حضرها شباب عبروا عن مواقفهم بكل جرأة، ولم يخفوا موقفهم وأكدوا أن مطلبهم الأساسي اليوم هو رحيل الحكومة بعد سلسلة من الإخفاقات التي أثرت على معيشة المواطنين.
هذه النقاشات أوضحت أن الشباب المغربي متابع لما يجري في بلده، ويمتلك القدرة على التعبير عن مطالبه بوضوح، وكان ينتظر فقط من يعطيه الفرصة ليسمع صوته، لكن في المقابل، غابت القناة الأمازيغية عن هذه المواكبة، وهو غياب أثار الاستغراب، خاصة أن الاحتجاجات انطلقت من منطقة سوس التي يتحدث أغلب سكانها بالأمازيغية، والكثير من المواطنين هناك لا يجيدون العربية ولا الدارجة، وكانوا في حاجة إلى قناة تنقل لهم ما يحدث بلغتهم الأم.
هذا الغياب يطرح سؤالا حول الدور الحقيقي للقناة الأمازيغية، وهل تقوم فعلا بالمهمة التي أُنشئت من أجلها، فالمواطن الذي يمولها من الضرائب ينتظر منها أن تكون في صلب القضايا الوطنية، لا أن تكتفي ببث برامج ترفيهية أو أعمال مدبلجة.
المتتبعون يعتبرون أن أي قناة عمومية لا يمكن أن تظل بعيدة عن نبض الشارع، وأن التنوع اللغوي والثقافي للمغاربة ليس خيارا ثانويا، بل ضرورة لضمان عدالة إعلامية يشعر معها كل مواطن أنه جزء من النقاش العام.
الاحتجاجات وضعت الحكومة في موقف صعب، لكنها في الوقت نفسه وجهت رسالة واضحة للإعلام، والمغاربة يريدون منابر حرة ومسؤولة، أما القناة الأمازيغية فهي اليوم مطالبة أكثر من أي وقت مضى بأن تثبت أنها قناة مواطنة، قريبة من الناس، ووفية للغتهم وهويتهم.