تستعد الحكومة الفرنسية لاتخاذ قرارات حاسمة خلال اجتماع اللجنة الوزارية لمراقبة الهجرة، التي يترأسها رئيس الوزراء الفرنسي، فرنسوا بايرو، ويأتي هذا الاجتماع في وقت حساس تتزايد فيه التوترات بين فرنسا والجزائر، خاصة بعد سلسلة من الأزمات المتعلقة بالهجرة والمواطنين الجزائريين المقيمين في فرنسا بشكل غير قانوني.
من بين القرارات المنتظر اتخاذها في هذا الاجتماع هو فرض عقوبات على الجزائر، وفي مقدمتها تقليص عدد التأشيرات الممنوحة لمواطنيها، وهذه الخطوة تعكس تصاعد الضغوط التي تمارسها فرنسا على الجزائر بسبب رفض الأخيرة استعادة مواطنيها الذين تم ترحيلهم من الأراضي الفرنسية.
في إطار هذا التصعيد، ستناقش اللجنة الوزارية سبل ضبط تدفقات الهجرة، من خلال آليات مراقبة على الحدود وتعاون أوروبي مكثف، ويبدو أن الاتفاق الأوروبي بشأن الهجرة واللجوء، الذي تم اعتماده في مايو 2025، سيكون موضوعا رئيسيا في النقاشات، وهذا الاتفاق الذي ينتظر أن يدخل حيز التنفيذ في منتصف 2026 يتضمن تشديد الرقابة على الحدود، بالإضافة إلى آلية تضامن بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لضمان تنفيذ سياسات الهجرة بفعالية.
لكن المعضلة الرئيسية التي تقف أمام فرنسا هي رفض الجزائر استعادة رعاياها المبعدين، كما أكد رئيس الوزراء الفرنسي في تصريحاته الأخيرة، أن العديد من الجزائريين الذين تم ترحيلهم من فرنسا تم تقديمهم مرارًا وتكرارا للسلطات الجزائرية، لكن البلد الأصلي رفض استلامهم، وقد وصف هذه الممارسة بأنها “غير مقبولة”، مؤكدا أن رفض الجزائر لاحتضان مواطنيها يعد بمثابة تحد لفرنسا ويؤثر بشكل مباشر على العلاقات بين البلدين.
وتعكس الصحف الفرنسية الانقسام داخل الحكومة بشأن كيفية التعامل مع الجزائر. فهناك من يدعو إلى تشديد الإجراءات، مثل وزير الداخلية الذي اقترح حرمان شخصيات ونخب جزائرية من التسهيلات التي يستفيدون منها، بينما يفضل آخرون الحلول الدبلوماسية، كما في حالة وزير الخارجية الفرنسي، الذي اقترح تقليص التأشيرات لجميع الدول التي ترفض استعادة مواطنيها.
هذا الموقف الفرنسي يأتي بعد الهجوم الذي وقع في مولوز، حيث قتل شخص وأصيب آخرون على يد جزائري كان يقيم بشكل غير قانوني في فرنسا. الحادثة سلطت الضوء مجددًا على قضية الهجرة غير الشرعية وكيفية التعامل مع المهاجرين الذين يهددون الأمن الداخلي.
من جهة أخرى، ترى المتحدثة باسم الحكومة الفرنسية، صوفي بريماس، أن فرنسا ليست بحاجة إلى منح عدد كبير من التأشيرات لمواطني الدول التي ترفض التعاون في قضايا الهجرة، مشيرة إلى أن الهدف هو “استهداف بعض الشخصيات المهمة في العلاقات الفرنسية-الجزائرية” ووقف منحهم التأشيرات.
في النهاية، تبقى العلاقة بين فرنسا والجزائر تحت المجهر. فبينما تحاول باريس الضغط على الجزائر عبر تقليص التأشيرات، تظل الجزائر على موقفها الرافض لاستعادة رعاياها. ولعل التحدي الأكبر في هذا الصراع يكمن في مدى قدرة كل طرف على التصعيد أو التهدئة، وما إذا كانت هذه الإجراءات ستؤدي إلى نتيجة ملموسة في حل أزمة الهجرة أم أنها ستزيد من تعقيد العلاقات بين البلدين.