قبل مواسم قليلة، كانت جماهير حسنية أكادير تحلم باللقب، وكانت الأهازيج تصدح في مدرجات ملعب أدرار، ترسم فسيفساء الانتماء والعشق لفريق طالما اعتُبر واجهة مشرفة لكرة القدم في الجنوب المغربي. لم يكن الفريق يخشى الهبوط، ولا كانت جماهيره تُدخل حسابات ضمان البقاء ضمن الكبار. كان كل شيء يوحي بمشروع رياضي واعد، بقيم الاستقرار والمنافسة والهيبة.
لكن كل ذلك صار الآن ذكرى جميلة، فالغزالة الجريحة ترزح اليوم تحت ضغط واقع مر، إذ وجدت نفسها تقاتل من أجل البقاء، بعد أن حسم مصيرها بمباراة سد فاصلة ضد صاحب المركز الرابع من القسم الثاني، سيناريو مؤلم لا يليق بتاريخ نادٍ ظل لعقود مَعْلَمًا من معالم الرياضة المغربية، وبيتًا كرويًا استثنائيًا في جهة سوس ماسة.
ما الذي حدث؟ وكيف تحول الحلم إلى كابوس؟ الجواب في التفاصيل، وفي زوايا الإهمال والتسيير المرتبك، فالفريق يعيش منذ مدة أزمة مالية خانقة، وتفتقر تركيبته الإدارية إلى الكفاءة والتخطيط الاستراتيجي، لم يستثمر في البناء القاعدي، ولا في مشروع رياضي متكامل، بل ترك النادي فريسة لعشوائية القرارات وضعف القيادة وغياب الطموح.
الغريب أن هذا التراجع لم يأت نتيجة موسم واحد كارثي، بل كان تراكما لصمت طويل على أعطاب واضحة، فالمكتب المسير لم ينجح في حماية الفريق من الانزلاق التدريجي نحو الهاوية، ولم يبد قادرا على قراءة مؤشرات الخطر المبكر، واليوم، يقف الفريق على حافة الانكسار، مباراة واحدة ستقرر المصير: إما البقاء بشق الأنفس، أو السقوط إلى القسم الثاني وما يحمله من متاعب مادية ومعنوية قد يصعب الخروج منها، وبين هذا وذاك، لا يملك جمهور الحسنية سوى الدعاء والتشبث بالأمل، عله ينجو من هذا المصير القاسي.
غير أن الأمر لا يجب أن يقف عند مباراة سد، فحتى إن نجت الغزالة، فإن النهوض الحقيقي يبدأ بمحاسبة الذات، وإعادة بناء مؤسسة الفريق على أسس جديدة: كفاءة، شفافية، واستثمار في الشباب، وإلا فإن التاريخ سيعيد نفسه، وقد لا تكون هناك مباراة “باراج” أخرى تمنح فرصة ثانية.