وتتجسد هذه الجهود من خلال الحرص على تنمية مهارات الفاعلين في مجال الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، ودعم المبادرات الجماعية ذات البعد الإنتاجي، بما يعزز روح المقاولة التضامنية ويخلق فرص شغل ذات أثر ملموس ومستدام على الفئات المستهدفة.
وتولي المرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية أهمية كبرى للبرنامج الثالث المتعلق بتحسين الدخل والإدماج الاقتصادي للشباب، عبر دعم مشاريع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، وهو ما انعكس إيجابا على العديد من التعاونيات بالإقليم.
وفي هذا الصدد، أكد بدر الدين نهراوي، عن قسم العمل الاجتماعي بعمالة إقليم تاوريرت، أن التعاونيات أصبحت فاعلا أساسيا في مسلسل التنمية المحلية، بالنظر إلى مساهمتها الفعالة في خلق فرص الشغل وتعزيز التمكين الاقتصادي للنساء، وكذا دعم الاقتصاد الاجتماعي والتضامني باعتباره أداة أساسية لتحقيق تنمية مستدامة بالإقليم.
وأوضح أنه تم في إطار البرنامج الثالث من المرحلة الثالثة للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، الخاص بتحسين الدخل والإدماج الاقتصادي للشباب، لاسيما محوره المتعلق بالاقتصاد الاجتماعي والتضامني، تمويل 27 مشروعا بكلفة إجمالية تقدر بـ 6,22 مليون درهم، ساهمت فيها المبادرة الوطنية بأكثر من 3,65 مليون درهم.
وأشار إلى أن نماذج التعاونيات الناجحة، من قبيل تعاونية صدر أسليلي لتربية النحل وإنتاج العسل، وتعاونية بيان لتثمين الأعشاب الطبية والعطرية، تعكس بجلاء نجاعة هذا البرنامج، حيث استفادت هذه التعاونيات من دعم مهم تمثل في تجهيزها بمعدات وآلات حديثة، ساعدت بشكل ملموس في تعزيز قدراتها الإنتاجية وتحسين أدائها وتنافسيتها.
ومن جانبه، أوضح عضو تعاونية صدر أسليلي لتربية النحل وإنتاج العسل بتاوريرت، إبراهيم هزازي، أن نشاطهم انطلق من ممارسة تقليدية توارثوها أبا عن جد، إلى حدود سنة 2016 حيث أسسوا تعاونيتهم واستفادوا من مواكبة ودعم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية سنة 2018، ما ساهم في تطوير هذه الممارسة بشكل واضح.
وأشار إلى أن التعاونية استفادت من التكوين، والدعم المادي عبر اقتناء تجهيزات عصرية عبارة عن آلات لاستخراج وتصفية العسل، وتعبئته وتغليفه، وكذا ملابس مهنية، ناهيك عن 70 خلية نحل، مضيفا أن التعاونية تتوفر حاليا على أكثر من 500 خلية نحل.
وأعرب عن تفاؤله الكبير بالمستقبل، مؤكدا أن المجهودات المبذولة مكنتهم هذه السنة من محصول وفير حيث تمكنوا في أولى عمليات استخراج العسل هذه السنة من تحصيل حوالي 4 أطنان من العسل، وهو ما يفتح آفاقا واعدة أمام مربي النحل، ويعد بتحقيق نتائج إيجابية تساهم في زيادة عدد المستفيدين، والرفع من دخلهم.
أما رئيسة تعاونية بيان للأعشاب الطبية والعطرية، مارية مقور، فقد أشارت إلى أن شغفها الشخصي بصناعة مستحضرات التجميل الطبيعية، تحول لاحقا إلى مشروع منظم يهدف إلى تثمين الغطاء النباتي الغني الذي تزخر به المنطقة، وإنتاج مستحضرات تجميل طبيعية عالية الجودة.
وأضافت أن مشروعها، وبفضل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي وفرت له الوسائل والأدوات اللازمة للتطوير، تمكن من تحقيق نتائج ملموسة على المستوى المحلي والوطني، عبر التميز في الجودة والابتكار.
وأبرزت أن تعاونيتها تمكنت بفضل هذا الدعم والمواكبة من الظفر بجائزة الجيل المتضامن لسنة 2023، وجائزة التميز للمرأة المغربية في علاقتها بالذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي لسنة 2024، مشيرة إلى أن هذه التتويجات تعكس روح التجديد والابتكار التي تعتمدها التعاونية في عملها، في أفق ترسيخ حضورها في السوق الوطنية والدولية.
وتؤكد هذه النماذج الناجحة بإقليم تاوريرت على أن دعم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية لمشاريع التعاونيات ليس مجرد دعم تقني أو مالي، بل هو استثمار استراتيجي في رأس المال البشري، وتنمية القدرات المحلية، وتعزيز العدالة المجالية عبر تمكين النساء والشباب من مقومات الاندماج والإنتاج.