أكد مسؤولون في القطاعين المالي والتكنولوجي، أمس الخميس بالرباط، أن تحسين الخدمات المالية عن طريق الذكاء الاصطناعي يتطلب تعبئة أكبر لكافة الفاعلين المعنيين، لا سيما في ما يتعلق بجودة المعطيات وتكوين الكفاءات.
وأوضح المشاركون في جلسة عامة حول موضوع “الذكاء الاصطناعي والأتمتة: إعادة ابتكار الخدمات المالية”، نظمت في إطار المؤتمر العاشر لهيئة الخبراء المحاسبين، أن هذه التعبئة يتعين أن تتخذ أشكالًا متعددة، بدءا من مواكبة شركات التكنولوجيا المالية وتسريع نموها، وصولا إلى المساهمة في جهود التكوين ووضع إطار تنظيمي واضح.
وفي كلمة بالمناسبة، أكد المدير التنفيذي للمركز المغربي للتكنولوجيا المالية، مصطفى لهلالي، أن “العديد من المؤسسات المالية وغيرها من الهيئات العمومية والخاصة تقوم بتجربة هذه التكنولوجيا اليوم ودمجها في عدة أدوات تشغيلية”.
وأوضح لهلالي أن الاستراتيجية الرقمية للمغرب تعتبر الذكاء الاصطناعي رافعة رئيسية لتحول الإدارة وجذب المستثمرين، مشيرا إلى أن القطاع المالي يشارك بفعالية في هذه الحركية ويوجد في صلب دينامية هذا التحول.
كما شدد على أن هناك زخما حقيقيا تشهده منظومة الشركات الناشئة، مدعوما من قبل المستثمرين المحليين وحاضنات الأعمال ومسرعات الأعمال، وكذا داخل الوسط الأكاديمي من خلال برامج التكوين والتوعية. ومع ذلك، أكد أنه “على الرغم من إرادة المؤسسات والجامعات ومراكز التكوين، لا يزال الطلب يفوق العرض المتاح في السوق”.
ومن جانبه، دعا الرئيس المدير العام للقرض العقاري والسياحي، لطفي السقاط، إلى إيلاء اهتمام خاص لجودة المعطيات، معتبرا أنها تحد رئيسي يتجاوز جميع التطورات التكنولوجية.
كما شدد على أهمية عدم الاقتصار على الأتمتة، بل أيضا تطوير البعد التفاعلي الذي يتيحه الذكاء الاصطناعي.
وأضاف السقاط أنه “إلى جانب كل ما تم الحديث عنه سالفا، فإن التحدي يكمن في جودة المعطيات. فلا يمكن لخوارزميات التعلم الآلي أن تكون ناجعة إلا إذا كانت البيانات المدخلة ذات جودة”.
وسجل أن القطاع المالي ينبغي أن يتوافق أكثر مع المتطلبات المتعلقة بالشفافية والمسؤولية الأخلاقية، مع تطوير إطار تنظيمي ملائم لكل هذه التكنولوجيات.
وبدوره، أبرز الرئيس الشرفي لفدرالية الخبراء المحاسبين في منطقة المتوسط، فيليب أراو، أنه من الجوهري الحفاظ على البعد الإنساني في التطور التكنولوجي، من خلال الحفاظ على التوازن بين الذكاء والضمير.
وأشار أراو إلى أنه “من الضروري إعادة وضع الكائن البشري ودور الخبير في المحاسبة في صلب هذا التطور التكنولوجي”.
وذكر في هذا السياق، بأنه ينبغي جعل الكائن البشري في صلب الأولويات، كما يجب أن تتبنى مختلف مكونات القطاع المالي تدابير استباقية من خلال إدماج الابتكار في مجمل عملياتها ومن خلال اللجوء إلى التكنولوجيات المتطورة.
وقد مكنت هذه الجلسة التي تندرج في إطار المؤتمر العاشر لهيئة الخبراء المحاسبين تحت عنوان “الذكاء الاصطناعي، الاستدامة والمواهب: الاستراتيجية الرابحة”، من تسليط الضوء على التحديات والفرص المرتبطة بالتحولات العميقة التي يعرفها الاقتصاد الوطني والعالمي.