ترمب يوقف الحرب بغزة ويقود خطة سلام هشة بالشرق الأوسط

شهد يوم أمس الاثنين احتفالات واسعة النطاق في إسرائيل والأراضي الفلسطينية بفضل عملية تبادل كبرى للأسرى والرهائن، مما يمثل منعطفاً هاماً نحو وضع نهاية للحرب المستمرة في قطاع غزة منذ عامين.

في هذه المرحلة الافتتاحية الحاسمة من الخطة التي ترعاها الولايات المتحدة لوقف الصراع، أفرجت حركة حماس عن جميع الرهائن الإسرائيليين الأحياء لديها. وفي المقابل، أطلقت إسرائيل سراح نحو 2000 معتقل وسجين فلسطيني.

عمت المنطقة مشاهد مؤثرة، حيث استقبلت العائلات الإسرائيلية أحباءها المحررين بدموع الفرح والصيحات. وفي المقابل، استقبلت الحشود الغفيرة في غزة والضفة الغربية المحتلة الأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم من السجون الإسرائيلية ببهجة عارمة، ولوحوا بالأعلام الفلسطينية عند وصولهم على متن الحافلات.

 

ترمب في الكنيست باسرائيل ثم التوقيع على اعلان مشترك بشرم الشيخ

تزامناً مع لم شمل الدفعة الأولى من الرهائن مع ذويهم، وصل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى إسرائيل، حيث أعلن في خطاب ألقاه أمام الكنيست عن “فجر تاريخي في شرق أوسط جديد”.

وقد ألقى ترامب أول خطاب لرئيس أمريكي في الكنيست منذ عام 2008، حيث استقبله رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وقال ترامب في خطابه المطول: “أخيراً، ليس فقط للإسرائيليين، بل للفلسطينيين أيضاً، انتهى الكابوس الطويل والمؤلم”. وقد هتف بعض السياسيين بـ “ترامب، ترامب، ترامب”، بينما قاطعه لفترة وجيزة أحد أعضاء المعارضة رافعاً ورقة كُتب عليها “اعترفوا بفلسطين”.

 

 

وبعد ذلك، توجه ترامب إلى قمة عُقدت في شرم الشيخ بمصر، حيث اجتمع مع أكثر من 20 زعيماً دولياً لمناقشة المراحل اللاحقة من خطته للسلام في غزة. وخلال القمة، وقعت مصر وقطر وتركيا والولايات المتحدة إعلاناً مشتركاً، لتصبح أطرافاً ضامنة لاتفاق وقف إطلاق النار الذي يهدف إلى إنهاء الحرب التي سببت دماراً هائلاً في القطاع.

اكراهات كثيرة في طريق الوقف الدائم لاطلاق النار بغزة

على الرغم من أجواء الاحتفالات الدبلوماسية وفرحة العائدين، تبقى تحديات جمة في طريق تحويل هذا الوقف لإطلاق النار إلى سلام مستدام. إن المراحل المتبقية من خطة ترامب للسلام، المؤلفة من عشرين بنداً، ما زالت تحتوي على نقاط خلاف جوهرية تتطلب مفاوضات مكثفة للمضي قدماً في تنفيذها.

تُعد عملية تبادل الأسرى والرهائن التي تمت يوم الاثنين بمثابة إنجاز للمرحلة الأولى من الاتفاق، والتي تلت دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ يوم الجمعة الماضي، وما تلاه من زيادة في المساعدات الإنسانية التي دخلت إلى غزة خلال عطلة نهاية الأسبوع.

وعلى الرغم من سير عمليات الإفراج في مسارها المقرر إلى حد كبير، عبرت عائلات الرهائن الإسرائيليين عن استيائها من إعلان حماس عن تسليم رفات أربعة فقط من الرهائن المتوفين. وقد أعلن الجيش الإسرائيلي عن إجراء فحوصات الطب الشرعي لتأكيد هوياتهم وإبلاغ ذويهم لاحقاً. ويُعتقد أن رفات ما يصل إلى 24 رهينة آخرين ما زالت موجودة في غزة. ويشير اتفاق وقف إطلاق النار الذي نشرته وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى احتمال عدم قدرة حماس والفصائل الأخرى على تحديد موقع رفات جميع الرهائن المتوفين ضمن الإطار الزمني المتفق عليه.

 

تبادل الأسرى والمعتقلين: “هناك فرح، وهناك ألم، هناك سعادة، وهناك حزن”.

في سياق الاتفاق، شمل الإفراج نحو 1700 معتقل فلسطيني كانوا محتجزين في إسرائيل دون توجيه تهم. كما أطلقت إسرائيل سراح حوالي 250 سجيناً فلسطينياً محكوماً عليهم بالسجن المؤبد. تم إطلاق سراح نحو 100 منهم إلى الضفة الغربية المحتلة، بينما رُحل آخرون، وأُفرج عن عدد قليل في القدس الشرقية.

عندما خرج السجناء من حافلات الصليب الأحمر في رام الله، استقبلوا بتصفيق حار. بدا العديد منهم شاحبين ونحيلين، وكان بعضهم يرتدي الكوفية الفلسطينية ويجد صعوبة في المشي.

 

خطة السلام تحتاج لجهود إضافية لتثبيتها

تنص الخطة على أن يتولى إدارة غزة في البداية لجنة انتقالية مؤقتة من التكنوقراط الفلسطينيين، تحت إشراف “مجلس السلام”، قبل أن تُنقل الإدارة في نهاية المطاف إلى السلطة الفلسطينية بعد خضوعها للإصلاحات.

ومع ذلك، تبقى مفاوضات شاقة ضرورية للمضي قدماً في المراحل الأخيرة من الخطة، خاصة فيما يتعلق بمدى وجدول الانسحاب العسكري الإسرائيلي، ونزع سلاح حماس، وشكل الحكم المستقبلي لقطاع غزة.

لقد أكدت حماس سابقاً أنها لن تتخلى عن سلاحها إلا في حال إقامة دولة فلسطينية، ورفضت أي فكرة لحكم أجنبي في غزة. في المقابل، رفض نتنياهو أي تدخل مستقبلي للسلطة الفلسطينية.

وعندما سُئل ترامب عن موعد بدء المرحلة الثانية من مفاوضات اتفاق السلام، رد قائلاً: “لقد بدأت”، موضحاً أن “المراحل متداخلة بعض الشيء”.

تجدر الإشارة إلى أن إسرائيل شنت حربها على غزة عقب هجوم حماس على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، والذي أودى بحياة 1200 شخص وأسفر عن اختطاف 251 آخرين كرهائن في غزة. ومنذ ذلك الحين، قُتل ما يقرب من 68 ألف فلسطيني جراء الحرب الإسرائيلية، وفقاً لوزارة الصحة في غزة، وهي أرقام تعتبرها الأمم المتحدة والهيئات الدولية الأخرى موثوقة. ووفقاً لتقارير الأمم المتحدة، فقد تضرر أو دُمر ما لا يقل عن 9 من كل 10 مبانٍ سكنية، في حرب مدمرة ارتقت لدرجة إبادة جماعية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.