بعدما راكمت معرفة كبيرة بأهمية النباتات العطرية والطبية على مدى سنوات، بادرت مريم البراق، بمعية بعض معارفها، بتأسيس جمعية “عروس أروم” سنة 2017 بدوار المنزلة، الواقع في المجال الترابي للمنتزه الوطني جبل “بوهاشم”، المعروف بغطائه النباتي المتنوع والغني، والذي يشكل المادة الأساس للنشاط الذي اختارته للجمعية.
بكثير من الدقة والمهارة، تشرف مريم رفقة مجموعة المتعاونين على زراعة الأعشاب الطبية والعطرية في أحواض معدة خصيصا لتوفير المادة الخام، وبعد جنيها يشرع في تجفيفها وفق معايير محددة للحفاظ على خصائصها الغذائية، ثم توجه إلى الاستغلال حسب الحاجة، إما التلفيف أو الطحن لاستخراج الزيوت الأساسية.
بمجرد الاقتراب من مقر التعاونية، لا يخطئ أنف الزائر وجود روائح زكية ونفاذة لأعشاب متعددة باستعمالات مختلفة، لكن القاسم المشترك بينها أنها تشكل المواد الخام لنشاط تحويلي يعتمد على خيرات الأرض لصناعة منتجات مجالية يتزايد الطلب عليها من سنة لأخرى.
تقول مريم البراق، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن مقر التعاونية يقع في منطقة غابوية تتميز بغطاء نباتي ذي جودة عالية، كما يتسم بالتنوع والكثرة، مضيفة أن الجمعية تنشط بالأساس في زراعة وتجفيف الأعشاب، ومن خلالها تتم صناعة الشاي المنسم واستخراج الزيوت الأساسية أو المياه المقطرة.
إذا كانت لفائف الشاي المنسم تجد طريقها إلى الأسواق لإرضاء طلبات الزبائن، فالتعاونية تقوم بتصريف جزء من الزيوت الأساسية والمياه المقطرة في شبكات التوزيع والبيع بشكل مباشر، بينما يتم استغلال الجزء الآخر لصناعة مواد التجميل الطبيعية التي تعرف إقبالا متناميا من قبل المستهلكين.
وراكم أعضاء التعاونية، التي تشغل اليوم 8 أشخاص، خبرة كبيرة في مجال تحويل الأعشاب الطبية والعطرية، حيث تنتج حاليا 13 منتجا متنوعا، وهي بصدد تطوير وإنتاج 10 منتجات جديدة، تجميلية وغذائية.
وأضافت مريم البراق أنه بحكم تواجد المنطقة ضمن مجال غابوي غني بالأعشاب الطبيعية وذات مؤهلات كبيرة وموارد بشرية متوفرة، فقد شكلت التعاونية إطارا لتثمين هذه الأعشاب ومن خلالها خلق نشاط مدر للدخل وفرص شغل لفائدة سكان المنطقة، لاسيما النساء والشباب.
في هذا السياق، لم تخف أمينة كنون، إحدى المتعاونات المكلفات بتجفيف وتلفيف الأعشاب، الدور الكبير لهذه التعاونية في تأطير نساء وشباب المنطقة في نشاط مدر للدخل، موضحة أن التعاونية ساهمت في تحريك الدورة الاقتصادية بدوار المنزلة الجبلي.
ولعل تعاونية عروس أروم لم تكن لتحقق هذه النتائج لولا الدعم السخي والمواكبة عن كثب للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، والتي تعتبر ورشا تفضل صاحب الجلالة الملك محمد السادس بإطلاقه سنة 2005 لفائدة الطبقات الهشة والمحتاجة من المجتمع، ولتدارك التفاوتات الاجتماعية والمجالية.
في هذا السياق، قالت مسيرة التعاونية “حصلنا على دعم المبادرة الوطنية، والذي أعطى دفعة قوية لتطوير عمل التعاونية، حيث تم تمويل اقتناء الآلات، ما ساهم في تحسين الجودة والتلفيف وزيادة حجم والمواكبة في تسويق المنتجات جهويا ووطنيا ودوليا عبر المشاركة في المعارض”.
بالفعل، ففي سنة 2024، تم تمويل التعاونية بغلاف مالي يفوق 231 ألف درهم، ساهمت فيه المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بأكثر من 139 ألف درهم لاقتناء سلسلة من الآلات المتخصصة في تجفيف وطحن الأعشاب الطبية والعطرية لاستخراج زيوتها الأساسية. وهو التمويل الذي شكل قفزة في مستوى حجم وجودة منتجات التعاونية التي صارت تجد طريقها تدريجيا إلى الأسواق.
وخلال المرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية فقط، تم على مستوى إقليم العرائش تمويل ومواكبة 48 تعاونية، من بينها 17 تعاونية نسوية، ساهمت في خلق ما مجموعه 284 فرصة عمل، 160 فرصة من بينها لفائدة النساء.