على هامش بطولة كأس الأمم الإفريقية 2025 التي يحتضنها المغرب، من 21 دجنبر 2025 إلى 18 يناير 2026، تُطلق المنظمة الدولية للهجرة بالمغرب (IOM Maroc) ومنظمة تيبو أفريقيا، بشراكة مع الاتحاد الملكي الهولندي لكرة القدم (KNVB)، مبادرة “كأس أفريقيا للعيش المشترك”.
وأبرز بلاغ مشترك للمنظمة الدولية للهجرة بالمغرب ومنظمة تيبو أفريقيا، أن “كأس أفريقيا للعيش المشترك”، الذي يعد مبادرة قارية تُسخّر الرياضة لخدمة التماسك الاجتماعي والتضامن والحوار بين الثقافات، يندرج في إطار الاستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء (SNIA)، كما يسهم في بلوغ أهداف التنمية المستدامة المرتبطة بالسلم وتقليص الفوارق والإدماج.
وأضاف المصدر ذاته أنه انسجاما مع التوجيهات الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، الذي جعل قضية الهجرة وقضايا الشباب الإفريقي في صلب النموذج التنموي الجديد، يرسخ المغرب مكانته نموذجا إفريقيا وإنسانيا في الإدارة الشاملة للهجرة، مبرزا أن هذه الرؤية تتجسد عمليا في مبادرات تيبو أفريقيا بوصفها قاطرة وطنية للتنمية عبر الرياضة.
وفي السياق ذاته، ستجمع “كأس أفريقيا للعيش المشترك” 24 فريقا يمثلون 24 حيا شعبيا في الدار البيضاء، بصورة ترمز إلى 24 دولة إفريقية مشاركة في “كان 2025″، ليغدو كل فريق وحدة للأمل والتنوع والاحترام المتبادل.
نهج تربوي تمكيني
لا تقف المبادرة عند حدود المنافسة الرياضية؛ بل تقدّم برنامجا تربويا متكاملا يمكّن الشباب من التعلم واكتشاف الذات والتعبير. وفي هذا الإطار، سيتابع الشباب المهاجرون بين 18 و25 عاما مسارا تكوينيا معتمدا يزاوج بين التأهيل التقني والمواكبة الفردية وتنمية مهارات الحياة، مع الاستفادة من ورش القيادة والتواصل وتجاوز الذات، فضلا عن دوائر للحوار والتبادل بين الثقافات تعزز الفهم المتبادل والاحترام بين الشباب المغاربة ونظرائهم من المهاجرين.
وبالتوازي مع ذلك، تُستكمَل المنظومة بمعسكرات تدريبية موضوعاتية مكثفة (Bootcamps) تتناول التغذية الرياضية والريادة والأداء البدني. كما يُوفر تأطير شخصي لكل مشارك لبناء مشروعه المهني الشخصي (PPP) واستكشاف المهن المرتبطة بالرياضة والإدماج.
وعموما، سيمتد أثر البرنامج ليشمل أكثر من 360 شابا من المغاربة والمهاجرين (بين 14 و18 عاما)، إلى جانب 30 جمعية محلية و400 أسرة سيتم توعيتها بقيم التعايش السلمي. وتعكس هذه التدخلات العملية إرادة تيبو أفريقيا والمنظمة الدولية للهجرة في تمكين الشباب ليغدوا فاعلين في التغيير الاجتماعي ونماذج للريادة الإفريقية.
التزام مستدام من أجل الإدماج والتماسك الاجتماعي
وفي هذا الإطار، نقل البلاغ عن إيمي بوب (Amy Pope)، المديرة العامة للمنظمة الدولية للهجرة قولها: “تجسد هذه المبادرة رؤية المغرب والمنظمة الدولية للهجرة: مجتمع دامج تقوده طاقة الشباب والرياضة”.
وأضافت أنه “بالتعاون مع تيبو أفريقيا، نثمّن إسهام الشباب المهاجرين في المجتمع المغربي وفي بناء أفريقيا موحّدة ومتضامنة وفخورة بتنوعها. إن هؤلاء الشباب يحملون قيم قارة تتحرك بثقة، قادرة على بناء الجسور بقوة الرياضة. وتُعد «كأس أفريقيا للعيش المشترك» رمزا قويا لأفريقيا تتقدم، تصغي وتعمل باحترام وكرامة”.
من جانبه، قال محمد أمين زرياط، الحاصل على عضوية الشبكة الدولية للمبتكرين Ashoka Fellow والرئيس المؤسس لمنظمة تيبو أفريقيا: “تعمل تيبو أفريقيا منذ أكثر من عقد على إدماج الشباب المهاجرين وتمكينهم عبر الرياضة والتعليم”.
وأوضح أن “”كأس أفريقيا للعيش المشترك” ليس مجرد منافسة؛ إنها تجربة إنسانية تُمكن الشباب من الازدهار وتعزيز قدراتهم وإسماع أصواتهم. ومن خلال هذا المشروع، نؤكد أن الرياضة أداة للتحول، ومدرسة حياة، وجسر بين الثقافات. ونؤمن بعمق أنه حين ينهض الشباب، تنهض أفريقيا بأسرها”.
شباب إفريقي مُلهِم
من جهة أخرى، نقل البلاغ عن جوزيف ن . (Joseph N.)، وهو شاب مهاجر ولاعب مشارك في “كأس أفريقيا للعيش المشترك” قوله: “إن المشاركة في هذه الكأس هو بمثابة فخر ومسؤولية حقيقيين للجميع. فالرياضة تجمعنا وهو ما يعني تجاوز كل ما يتعلق باللغات والحدود الجغرافية؛ وبالتالي فهي تمنحنا صوتا وفرصة لتمثيل أوطاننا الأصلية بكرامة”.
وأكد أنه “على أرض الملعب لا فرق بين مهاجر ولا مواطن مغربي؛ هناك شباب يجمعهم نفس الشغف ونفس الحلم والإرادة ذاتها لبناء مستقبل أفضل. هذا البرنامج منبع إلهام لنا ودليل على أن وحدة أفريقيا تبدأ من أحيائنا-عبر الكرة والاحترام والصداقة”.
منظومة من الشركاء الملتزمين
تُقام “كأس أفريقيا للعيش المشترك” بجهد جماعي غير مسبوق بين ثلاث مؤسسات تمثل ركائز أساسية، ويتعلق الأمر بالمنظمة الدولية للهجرة، عبر رؤيتها الشاملة والإنسانية للهجرة، والاتحاد الملكي الهولندي لكرة القدم (KNVB) عبر برنامج WorldCoaches، الذي يقدم خبرة تقنية وتكوين وفرص تشغيل للشباب عبر الرياضة، بالإضافة إلى منظمة تيبو أفريقيا، التي توفر تعبئة ترابية وابتكار اجتماعي وأثر ملموس على الميدان.
وتنضم إلى هذا التحالف الوكالة الألمانية للتعاون الدولي (GIZ) بالمغرب، بوصفها شريكا موثوقا في الابتكار الاجتماعي، في إطار تعاون مثمر بين المغرب وألمانيا عبر برنامجين ذوي أثر محورهما الإدماج عبر الرياضة.
كما تُشرك تيبو أفريقيا شركاء استراتيجيين ملتزمين، في مقدمتهم توتال إنيرجيز المغرب، وهي شركة مواطِنة وشريك لكرة القدم الإفريقية، وتجسد مساهمتها قوة القطاع الخاص حين يستثمر في الشباب والرياضة باعتبارهما رافعة للإدماج والتقدم.
وما يميز هذه الكأس، حسب المنظمين، هو المشاركة الفاعلة لعدد من السفارات الإفريقية بالمغرب، منها سفارات الغابون وغامبيا وغينيا، التي اختارت المساهمة المالية والرمزية في هذه المغامرة الإنسانية والقارية، بدل الاكتفاء بالحضور الشكلي.
وبذلك، تجدد تيبو أفريقيا والمنظمة الدولية للهجرة بالمغرب التزامهما بجعل الرياضة لغة كونية للسلام والإدماج ووحدة أفريقيا.