قمة ياس إفريقيا..انطلاقة جديدة لتمكين الشباب بقيادة مغربية

في سابقة تاريخية على المستوى القاري، افتتحت، صباح يوم الخمس 19 يونيو 2025، بمدينة مراكش أشغال أول قمة إفريقية لتمكين الشباب غير المنخرطين في العمل أو التعليم أو التكوين (NEET)، تحت عنوان: “YES Africa – قمة تمكين الشباب الإفريقي”، بتنظيم من مؤسسة جدارة، وبشراكة مع الاتحاد الإفريقي للشباب، وبمشاركة 54 دولة إفريقية، وأزيد من 118 منظمة مجتمع مدني، ومؤسسات تمويل دولية ومستثمرين في التأثير الاجتماعي، إلى جانب دعم قوي من منظومة الأمم المتحدة بالمغرب والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي.

 

وتُجسد هذه القمة، التي تحتضنها المملكة المغربية على مدى يومي 19 و20 يونيو بفندق كنزي روز غاردن بمراكش، رؤية صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، السامية والاستباقية، نحو ترسيخ التعاون جنوب-جنوب، وتعزيز مكانة المغرب كفاعل محوري في التنمية القارية، خصوصا في المجالات المرتبطة بإدماج الشباب والرأسمال البشري.

 

وقد شدد السيد موموني ديالا، رئيس الاتحاد الإفريقي للشباب، خلال الجلسة الافتتاحية، على أن القمة تشكل لحظة مفصلية للعمل الجماعي في القارة، مشيرا إلى أن “أكثر من 70 مليون شاب في القارة الإفريقية يواجهون خطر التهميش الاقتصادي والاجتماعي، وقمة YES Africa تُشكل نداء جماعيا ومسؤولا لإعادة إدماج هؤلاء الشباب في صلب السياسات العمومية على مستوى القارة”، مضيفا أن المبادرة المغربية تعكس إرادة حقيقية لصياغة حلول ميدانية لمشاكل إفريقية، تُبنى على التشارك والفعالية.

 

وقد تميز الحدث بمشاركة غير مسبوقة جمعت ممثلين رفيعي المستوى من مختلف دول القارة الإفريقية، ومنظمات المجتمع المدني، بالإضافة إلى شراكة استراتيجية مع صندوق Africa 50 التابع للاتحاد الإفريقي وAtlantic Re وأطلنتطا سند، وبنك إفريقيا، وضمان كاش، ما يمنح هذه القمة طابعا عمليا يتجاوز مجرد تبادل الأفكار إلى وضع اللبنات الأولى لبرامج تنفيذية ملموسة.

 

وفي هذا الإطار، صرح السيد حميد بلفضيل، رئيس مؤسسة جدارة، بأن تنظيم هذه القمة في المغرب بدعم مؤسساتي من وزارة الشباب والثقافة والتواصل يجسد انخراطا فعليا في تنزيل الرؤية الملكية السامية التي جعلت من الشباب محورا أساسيا لبرامج التنمية. وأضاف: “إن القمة ليست فقط فضاء للتفكير والتشخيص، بل منصة لتنفيذ أجوبة ميدانية عبر مسار تكويني ومرافقة مؤسساتية. لقد طورنا هندسة تكوينية متكاملة تشمل منصة تعلم إلكترونية مصممة خصيصا للمنظمات الإفريقية، إضافة إلى ورشات متخصصة في بناء القدرات، وبرامج توجيه ومرافقة فردية تؤمِّن التطبيق العملي للمعارف المكتسبة”.

 

وأوضح بلفضيل أنه تم تعبئة أكثر من 45 خبيرا ومكونا لتأطير مئات الساعات من التكوين، بهدف تعزيز نجاعة تدخل منظمات المجتمع المدني الإفريقية، وخلق ديناميات جديدة للتمكين الذاتي والمؤسسي.

 

وفي نفس السياق، أكدت السيدة أميمة محيجير، المديرة العامة لمؤسسة جدارة، أن هذا الحدث القاري الكبير يُعد تتويجا لمسار تعبئة امتد لأشهر طويلة، معتبرة أن “ما يميز YES Africa ليس فقط تنوع المشاركين، بل وحدة الهدف، والرغبة الجماعية في جعل الشباب فاعلا في صياغة مستقبل القارة”.

كما أبرزت أن المملكة المغربية تتحول اليوم إلى منصة استراتيجية للحوار والعمل المشترك حول العدالة الاجتماعية، والإدماج الاقتصادي، والاستثمار في الرأسمال البشري الإفريقي.

 

ومن المرتقب أن تتوج هذه القمة بإعداد وثيقة سياسات عامة موجهة لصناع القرار في الدول الإفريقية، تتضمن توصيات عملية قابلة للتنفيذ، بالإضافة إلى توقيع وتقديم بيان رسمي مشترك يحمل عنوان “Manifeste”، من طرف المنظمين وممثلي المنظمات المشاركة، كوثيقة التزام جماعي بالاشتغال المستدام على قضايا الشباب الإفريقي.

 

ويأتي هذا الحدث تتويجا لمسار طويل من العمل الميداني والتربوي الذي اضطلعت به مؤسسة جدارة، التي راكمت على مدى أكثر من عقدين تجربة نوعية في مرافقة الشباب وتأهيلهم للاندماج المهني.

وقد انعكس هذا الالتزام في نتائج ملموسة، إذ استفاد من برامج المؤسسة منذ تأسيسها سنة 2001 أكثر من 3543 شابا وشابة، من بينهم 795 يتابعون تكوينهم حاليا، بنسبة إدماج مهني بلغت 96%. كما يُسجل أن 70% من الطلبة الحاصلين على منح المؤسسة يحتلون مراتب الريادة ضمن دفعاتهم، وهو ما يؤكد نجاعة النموذج التربوي والتكويني المعتمد، ويُعزز مكانة المؤسسة كفاعل وطني مرجعي في دعم الرأسمال البشري، في انسجام تام مع روح وأهداف قمة YES Africa.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.