لا يزال نادي حسنية أكادير يعيش واحدة من أسوأ فتراته على الإطلاق، وسط عاصفة من الأزمات التي تضرب الفريق من كل الاتجاهات، جعلته يقبع في مراكز متأخرة في الدوري الاحترافي المغربي، مثيرا غضب جماهيره التي خرجت عن صمتها مطالبة برحيل المكتب المسير الحالي برئاسة بلعيد الفقير، الذي يبدو مصرا على البقاء رغم المطالب الملحّة بإجراء تغييرات جذرية.
الفريق يعاني من أزمة خانقة في إيجاد ملعب للتداريب، حيث يجد الفريق نفسه مجبرا على التنقل إلى إنزكان أو اللجوء إلى الصالة الرياضية المغطاة، وهو وضع غير ملائم لفريق ينافس في الدوري الاحترافي المغربي، فغياب ملعب قار للتداريب يزيد من معاناة الطاقم التقني، الذي يضطر إلى تعديل برامجه وفق المتاح، مما يؤثر بشكل مباشر على جاهزية اللاعبين ويحد من قدرتهم على التحضير الجيد للمباريات، وهذه الأزمة تعكس التخبط الإداري الذي يعيشه النادي، حيث لم يتم إيجاد حل مستدام لهذه المشكلة التي تلقي بظلالها الثقيلة على أداء الفريق في البطولة.
جماهير النادي المعروفة بولائها الكبير لغزالة سوس، لم تعد تحتمل استمرار الوضع الحالي، فخرجت الأحد الماضي في وقفة احتجاجية حاشدة، حملت خلالها لافتات وشعارات تطالب برحيل الفقير ومجموعة من اللاعبين الذين أصبحوا عبئا على الفريق، لم تكن هذه الوقفة الأولى، لكن هذه المرة حملت نبرة تحذيرية واضحة، حيث هددت الجماهير بالتصعيد في حال لم يتم اتخاذ قرارات حاسمة لإنقاذ الفريق قبل فوات الأوان.
ولا تبدو مخاوف الجماهير بلا أساس، فالفريق يحتل المركز 13 برصيد 21 نقطة، بعد 19 مباراة لم يحقق فيها سوى 6 انتصارات و3 تعادلات، مقابل 10 هزائم، مما جعله يقترب بشكل خطير من مراكز الهبوط إلى القسم الاحترافي الثاني، وهو السيناريو الذي لا يريد عشاق الفريق حتى مجرد تخيله.
أوشريف: “ما يحدث لحسنية أكادير كارثة بكل المقاييس”
في تصريح خاص لجريدة “الأول للأخبار”، وصف المحلل الرياضي عبد الرحيم أوشريف الوضع الحالي للفريق بالكارثي، قائلا “حسنية أكادير فريق عريق، له تاريخ كبير في الكرة المغربية، ويمتلك قاعدة جماهيرية واسعة، فضلا عن إمكانيات اقتصادية ولوجستية مهمة، لذلك فإن النتائج التي يحققها هذا الموسم لا تعكس حجم النادي الحقيقي، بل تعبر عن أزمة حقيقية يعاني منها الفريق على جميع المستويات”.
وحول أسباب التراجع، أوضح أوشريف أن الفريق يعتمد على تشكيلة شابة تفتقر إلى الخبرة، حيث قال “المشكلة الأساسية أن الفريق لم يتمكن من إجراء تعاقدات لثلاث فترات انتقالية متتالية، بسبب المشاكل المالية والإدارية، مما أدى إلى رحيل لاعبين أساسيين دون إيجاد بدائل في المستوى. لم يكن أمام الطاقم الفني سوى الاستعانة بلاعبي الأمل لتعويض الفراغ، وهؤلاء الشبان لا يمكنهم بمفردهم تحمل ضغط اللعب في القسم الاحترافي الأول، نظرًا لقلة خبرتهم وغياب الدعم الكافي من العناصر المخضرمة.”
وأضاف “هناك عوامل أخرى تزيد من معاناة الفريق، أبرزها عدم اللعب في ملعبه المعتاد وغياب الجمهور بسبب التوتر القائم بين الجماهير والمكتب المسير، كما أن الأجواء داخل النادي متوترة، مما ينعكس سلبًا على اللاعبين في المباريات.”
أما عن الحلول الممكنة، فقد شدد أوشريف على ضرورة إعادة هيكلة الفريق إداريا وتقنيا، قائلاً “المرحلة الحالية تتطلب تدبيرا عقلانيا للخروج من الأزمة بأقل الخسائر، ومن الضروري اتخاذ قرارات حاسمة، سواء من حيث تدعيم الفريق بعناصر ذات خبرة، أو إعادة بناء علاقة إيجابية بين الجماهير والمكتب المسير، لأن استمرار الوضع الحالي يعني أن الفريق قد يجد نفسه في القسم الثاني الموسم المقبل، وهو ما سيكون بمثابة ضربة قوية لتاريخ حسنية أكادير.”
ما الحل؟
في ظل هذه المعطيات، يبدو أن الصراع بين الجماهير والمكتب المسير مستمر، حيث تتهم الجماهير الرئيس بلعيد الفقير بالعجز عن قيادة الفريق، بينما يصر هذا الأخير على البقاء في منصبه، معتبرا أن الأزمة الحالية هي نتيجة تراكمات سابقة وليست مسؤولية المكتب الحالي وحده، لكن الحقيقة التي لا يمكن إنكارها هي أن حسنية أكادير يعيش أسوأ فتراته، ويحتاج إلى تدخل عاجل قبل أن ينهار تماما، فهل يستجيب المكتب المسير لصوت الجماهير، أم أن العناد سيكلف الفريق ثمنا غاليا قد لا يمكن تعويضه؟