شهدت مدينة أكادير نهاية الأسبوع المنصرم موجة احتجاجات عارمة قادها مواطنون غاضبون من الوضع الكارثي الذي يعيشه المستشفى الجهوي الحسن الثاني، والذي بات يلقب في أوساط الساكنة بـ”مستشفى الموت”، وهذه الاحتجاجات التي سلطت الضوء على معاناة مرضى وذويهم، دفعت وزارة الصحة إلى التدخل بشكل سريع في حالة رضيعة ظهرت صورتها وسط الوقفة، وهو ما اعتبرته الساكنة استجابة ظرفية لا تعالج عمق الأزمة.
المواطنون الذين خرجوا للتظاهر لم يكن هدفهم المطالبة بزيارة بروتوكولية للوزير، بل نادوا بتحسين الخدمات الصحية، وتوفير تجهيزات أساسية، وضمان كرامة المرضى، فبالنسبة إليهم، زيارة الوزير ليست غاية في حد ذاتها، وإنما واجب طبيعي يفرضه موقعه ومسؤوليته، ويمكنه القيام به في أي وقت دون انتظار ضغط الشارع.
الزيارة الوزارية الأخيرة للمستشفى، التي جرت وسط أجواء مشدودة وارتباك إداري واضح، لم تقنع الساكنة بجدواها، إذ اعتبرها كثيرون مجرد حدث بروتوكولي أفرغت له الممرات وتم تهيئته بعناية أمام الكاميرات، في حين أن الواقع اليومي مختلف تماما: أقسام مكتظة، نقص في الأطر الطبية، ومواعيد طويلة الأمد تمتد لعدة أيام.
الاستجابة لحالة معينة، مهما كانت إنسانيتها، لا يمكن أن تغطي على فشل منظومة صحية تعاني اختلالات هيكلية، فالمستشفى الجهوي الذي يفترض أن يكون قطبا علاجيا لجهة بأكملها، يعجز في كثير من الأحيان عن تقديم أبسط الخدمات للمواطنين، وهو ما يجعل سكان أكادير وسوس يتساءلون هل كل تدخل يستوجب وقفة احتجاجية أو صرخة في الشارع حتى تتحرك الوزارة؟
المطلوب اليوم ليس زيارات بروتوكولية ولا قرارات ترقيعية، بل خطة إصلاح شاملة تعيد الثقة للمواطن في قطاع الصحة العمومية، فالمستشفى الجهوي الحسن الثاني لا يمثل مجرد بناية صحية، بل مرآة لحالة قطاع بأكمله، وأي محاولة لتلميع صورته دون إصلاح واقعي لن تكون سوى هروبا إلى الأمام.
الساكنة بعثت برسالتها واضحة هي لا تحتاج إلى صور مع وزير ولا إلى وعود مؤقتة، بل إلى مستشفى يليق بكرامة الإنسان ويستجيب لحاجيات جهة بأكملها، أما الزيارات الظرفية فلن تغير من واقع وصفه المحتجون بعبارة واحدة “مستشفى الموت”.