تقديم وتوقيع كتاب “ذاكرة هوية ووطن “

شهدت العاصمة الرباط، يوم الثلاثاء، حدثاً ثقافياً ووطنياً بارزاً تمثل في تقديم وتوقيع الجزء الخامس من كتاب “ذاكرة هوية ووطن: مذكرات من الداخلة”، لمؤلفه الكاتب والناشط الجمعوي الحسن لحويدك. ويأتي هذا الحفل في إطار فعاليات الدورة السابعة لملتقى “الإكليل الثقافي”، الذي تشرف على تنظيمه جمعية رباط الفتح للتنمية المستديمة، وسط حضور لافت لشخصيات فكرية وسياسية.

ويعد هذا الإصدار الجديد حلقة إضافية ضمن مشروع توثيقي ضخم يروم حفظ الذاكرة الوطنية وتقديم سرد مفصل لتجارب معيشة ومحطات من الترافع المدني المرتبط بقضية الوحدة الترابية للمملكة. وقد نجح المؤلف من خلال أجزاء هذا الكتاب في تسليط الضوء على الارتباط الوثيق بين ساكنة الأقاليم الجنوبية ووطنهم الأم، موثقاً لشهادات تاريخية ومواقف وطنية أصيلة.

كتاب “ذاكرة هوية ووطن” والدبلوماسية الملكية في الصحراء المغربية

أوضح الكاتب الحسن لحويدك خلال مداخلته أن هذا العمل يستحضر بشكل جلي ما حققته الدبلوماسية الملكية الحكيمة على مستوى القضية الوطنية. وأشار إلى أن الكتاب يرصد الاعترافات الدولية الوازنة بمغربية الصحراء، والزخم الدبلوماسي الكبير الذي عرفته المملكة مؤخراً، مما عزز من مصداقية مبادرة الحكم الذاتي كحل وحيد وشامل لإنهاء النزاع المفتعل حول الأقاليم الجنوبية.

كما أبرز المؤلف أن الجزء الخامس من كتاب “ذاكرة هوية ووطن” لا يتوقف عند الجوانب السياسية فقط، بل يسلط الضوء على النهضة التنموية الشاملة التي تشهدها المنطقة. وخص بالذكر النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية وما أثمره من أوراش كبرى غيرت وجه المنطقة، مؤكداً أن إصدار هذا العمل يتزامن رمزياً مع تخليد الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء المظفرة.

قراءة تحليلية في أبعاد الذاكرة والتاريخ بمدينة الداخلة

من جانبه، قدم مصطفى الجوهري، نائب رئيس جمعية رباط الفتح، قراءة في الكتاب مؤكداً أنه يستوجب تحليلاً علمياً ومنطقياً عميقاً. واعتبر أن الإصدار يعكس القضية الوطنية في أبعادها التاريخية والاجتماعية، حيث يعتمد على تدوين مذكرات يومية تشتبك مع قضايا الصحراء المغربية من الداخل، مما يمنح القارئ رؤية واقعية بعيدة عن الإنشاء النظري.

وسجل الجوهري أن صدور هذا الجزء يتقاطع مع سياقات وطنية ودولية بالغة الأهمية، لعل أبرزها الدعم الدولي المتزايد للمبادرة المغربية للحكم الذاتي. وأشار إلى أن مدينة الداخلة، التي يتمحور حولها الكتاب، برزت في السنوات الأخيرة كقطب دولي للتنمية والإشعاع، وفضاء حيوي للتواصل والتعريف بالقضايا الكبرى للمملكة المغربية على المستوى الإفريقي والعالمي.

ملتقى الإكليل الثقافي ومنصة التفكير في قضايا التنمية

تندرج هذه الفعالية ضمن الدورة السابعة لملتقى “الإكليل الثقافي”، المنظمة تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، والتي تمتد فعالياتها إلى غاية 25 دجنبر الجاري. ويسعى الملتقى من خلال هذه الدورة إلى خلق فضاء للحوار الفكري المتعدد الأبعاد، حيث يلتقي الأدب والتاريخ بالرهانات التنموية والسياسات الحضرية الحديثة.

ويعتبر هذا الملتقى منصة فكرية رائدة تجمع بين الثقافة والتكنولوجيا، وتسلط الضوء على الفرص المتاحة أمام المدن الذكية والمستديمة. ومن خلال تقديم أعمال مثل كتاب “ذاكرة هوية ووطن”، يساهم الملتقى في تعميق النقاش حول الهوية الوطنية وكيفية استثمار الرأسمال اللامادي في مواجهة التحديات الحضرية والسياسية التي تواجهها مدننا المعاصرة، وفي مقدمتها حواضر الصحراء المغربية.

دور التوثيق في تعزيز الوعي بالهوية والسيادة الوطنية

إن مشروع الحسن لحويدك في توثيق مذكرات الداخلة يمثل إضافة نوعية للخزانة التاريخية المغربية، حيث يزاوج بين السيرة الذاتية والتاريخ الجماعي للوطن. فمن خلال تتبع المحطات الترافعية التي خاضها الفاعلون المدنيون، يقدم الكتاب دروساً في المواطنة الفاعلة وكيفية الدفاع عن ثوابت الأمة بالكلمة والحجة والتوثيق الرصين، وهو ما يجعله مرجعاً للأجيال الصاعدة.

وفي ختام حفل التوقيع، تم التأكيد على أن كتاب “ذاكرة هوية ووطن” يجسد التزام المثقف المغربي بقضايا بلده، وقدرته على مواكبة الانتصارات الدبلوماسية بعمل توثيقي يبقى للتاريخ. فالكتاب في جوهره ليس مجرد يوميات، بل هو صرخة اعتزاز بالانتماء، ومرآة تعكس حجم التحول الإيجابي الذي تعيشه الصحراء المغربية تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.