في محطة القطار الرباط-أكدال، وتحت إشراف مباشر من الملك محمد السادس، أعطيت يوم الخميس الانطلاقة الرسمية لأشغال مشروع القطار فائق السرعة (LGV) الذي سيربط بين القنيطرة ومراكش، على امتداد يقارب 430 كيلومترا، هذا المشروع الضخم لا يرمز فقط إلى تقدم في البنية التحتية، بل يعكس أيضًا عمق الشراكة بين المغرب وفرنسا، كما جاء في تفاعل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي سارع إلى الترحيب بالخطوة واصفا التعاون بين البلدين بأنه “يحرز تقدمًا سريع الوتيرة”.
في منشور له على منصة “X”، لم يخف ماكرون إعجابه بالمستوى الذي بلغته العلاقات الثنائية، حيث قال، باللغة العربية:
“استهل جلالة الملك محمد السادس أعمال خط القطار فائق السرعة الجديد بين القنيطرة ومراكش الذي أثمر بالفعل عن الشراكات التي أقامتها منشآتنا خلال زيارة الدولة التي أجريتُها إلى المغرب في أكتوبر المنصرم…تحيا الصداقة بين المغرب وفرنسا!”
بعد نجاح المرحلة الأولى من القطار فائق السرعة الذي يربط طنجة بالقنيطرة، ها هو المغرب يدخل مرحلة جديدة من هذا المشروع الطموح، هذه المرة نحو الجنوب، حيث يشمل الخط الجديد الرباط، الدار البيضاء، وصولاً إلى مراكش، مع ربط بمحطات حيوية كـمطارَي الرباط والدار البيضاء، وهذا الامتداد لا يختصر المسافات فقط، بل يفتح آفاقًا اقتصادية وسياحية كبرى للمدن المعنية، ويدفع عجلة التنمية الجهوية إلى الأمام.
مشروع LGV ليس مجرد بنية تحتية للنقل، بل هو إعلان عن توجه مغربي حاسم نحو المستقبل، مستقبل تكون فيه السرعة والدقة والاستدامة أساسا للتنمية، كما أنه تجسيد لنموذج من التعاون الدولي الذكي، حيث تستثمر الدول في بعضها البعض، لا عبر التصريحات السياسية فقط، بل من خلال الإنجازات الملموسة والمشتركة.
من خلال هذا المشروع، يعزز المغرب موقعه كرائد إفريقي في مجال النقل الحديث، ويثبت أنه بلد لا يكتفي بتلقي التكنولوجيا، بل يعمل على توطينها وتطويرها، ومن شأن هذا المسار أن يجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، خاصة من شركاء يعتبرون المملكة بوابة نحو إفريقيا، وفرصة للتموقع الاستراتيجي داخل قارة تشهد نموًا متسارعًا.