وتميز الحفل الافتتاحي لهذا الملتقى، الذي تنظمه جمعية الكوثر للمديح والسماع والمحافظة على التراث، تحت شعار “مديح الزوايا .. تراث لامادي يمتد في الزمن ويصون الهوية”، بين 8 و 10 أكتوبر الجاري، بحضور على الخصوص، عامل إقليم قلعة السراغنة، سمير اليزيدي، ورؤساء المصالح الإقليمية، ومنتخبين، وممثلي السلطات المحلية والأمنية، وعدد من الفاعلين الثقافيين والأكاديميين.
وفي كلمة بالمناسبة، أوضح عامل الإقليم أن الملتقى يشكل فرصة سانحة لإبراز الأهمية البالغة لفن المديح والسماع، باعتباره أحد التعبيرات الفنية التي تعكس العمق الروحي للمجتمع المغربي، إلى جانب دوره في التعريف بمكانة الزوايا بالإقليم وما تضطلع به من أدوار تربوية وثقافية وروحية.
وأضاف أن فن المديح والسماع، بما يحمله من دلالات روحانية ورمزية، يمكن أن يكون مدخلا لفهم المجتمعات، مبرزا في المقابل، أن الزوايا، كفضاءات للتربية الروحية ومراكز للتكوين الديني، تسهم في ترسيخ قيم الانتماء والتشبث بالوحدة الوطنية.
وذكر اليزيدي بأن تنظيم هذا الملتقى يندرج في إطار الجهود الرامية إلى صون الهوية الوطنية والحفاظ على الموروث الثقافي والروحي، تماشيا مع الرؤية الملكية السامية التي تجعل من الثقافة رافعة للتنمية والنهوض بالتراث اللامادي للمملكة.
من جانبه، أكد رئيس جمعية الكوثر للمديح والسماع والمحافظة على التراث، جواد الشاري، أن هذه التظاهرة الروحية والفنية أضحت موعدا سنويا لعشاق فن المديح والسماع، وفرصة لتلاقي نخبة من المجموعات والفرق الوطنية والدولية المتخصصة في هذا الفن الأصيل.
وأضاف الشاري أن ملتقى “سماع تساوت” يساهم في إبراز التنوع الثقافي والروحي للمغرب، إلى جانب تعزيز مكانة قلعة السراغنة كفضاء للاحتفاء بالتراث اللامادي ونشر قيم التسامح والتعايش.
كما تميز حفل افتتاح هذه التظاهرة، بتنظيم ندوة حول موضوع “المديح والسماع .. قراءة في المسار والمنجزات التوثيقية والاستشرافات”، حيث شكلت فرصة لتسليط الضوء على فن المديح والسماع المغربي كمدرسة فنية وروحية تجمع بين الأصالة الدينية والذوق الجمالي، وأحد أوجه الإبداع الصوفي الذي رسخ حضور المغرب في الفضاء الروحي العالمي.
وناقش المشاركون، خلال هذا اللقاء، الإسهامات التوثيقية التي عرفها هذا الفن، سواء من خلال الدراسات الأكاديمية أو من خلال المبادرات الجمعوية والفنية التي سعت إلى حفظ الأناشيد والمقامات الموسيقية التقليدية، مسجلين أهمية الجمع بين المعرفة النظرية والممارسة الميدانية في صون هذا التراث.
وبعد أن أكدوا على دور هذا الفن في إشاعة قيم التسامح والمحبة والتآزر بين أفراد المجتمع، أكد المتدخلون على أن التوثيق السمعي البصري يمكن أن يشكل وسيلة فعالة لحماية هذا اللون الفني من الاندثار، وضمان نقله للأجيال الصاعدة بأساليب حديثة تراعي التحولات التكنولوجية.
كما شددوا على أهمية البحث الأكاديمي في مجال الفنون الصوفية، داعين إلى إدماج موضوع المديح والسماع في البرامج الجامعية والبحثية، لما له من قيمة علمية وروحية وفنية تسهم في إبراز الخصوصية المغربية في المجال الثقافي.
وتم بالمناسبة، تنظيم حفل توقيع كتاب “صنعات وحكايات” للأستاذ عبد السلام الخلوفي، وهو عمل توثيقي يجمع بين السرد والتاريخ الفني، يرصد فيه المؤلف محطات من مسيرته في خدمة فنون السماع والمديح، ويقدم شهادات حية عن رموز هذا الفن ورواده في المغرب.
ويتضمن برنامج ملتقى “سماع تساوت”، المنظم بشراكة مع وزارة الشباب والثقافة والتواصل (قطاع الثقافة)، ومجلس جهة مراكش – آسفي، وعمالة إقليم قلعة السراغنة، تنظيم ليال سماعية، وعقد ندوات فكرية وعلمية تناقش مكانة الزوايا في صون الهوية الثقافية المغربية، إلى جانب تنظيم أنشطة موازية موجهة للشباب والمهتمين بالموروث الروحي.