احتفاء بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء المجيدة، اتشحت مدينة العيون، كبرى حواضر الأقاليم الجنوبية للمملكة، بحلة من الجمال الأخاذ، لتتحول بمناسبة الاحتفالات بهذه الذكرى الغالية إلى فضاء مشرق تنسج فيه خيوط التاريخ والفخر والاحتفاء لوحة نابضة بالحياة تروي أمجاد الماضي وتشرق بأنوار الحاضر.
وبهذه المناسبة السعيدة، تكتسي المحاور الكبرى للمدينة، منذ أيام، حللا من الزينة الفخمة تضفي بهاء خاصا على شوارعها وساحاتها، تتخللها سلاسل من المصابيح البراقة تنسج فوق الشوارع الواسعة تارة شعارات المملكة الشامخة، وتارة أخرى سماء وضاءة بالنجوم تسعد النفوس وتفتن المارة.
وبينما ترفرف الرايات الحمراء الموشاة بالنجمة الخضراء بعزة وشموخ في الساحات العمومية وعلى واجهات كبريات البنايات، جنبا إلى جنب مع صور صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، تنثر أضواء براقة ألوان الوطن على واجهات البنايات.
وتحتفي مدينة العيون، في حلتها البهية، بذكرى المسيرة الخضراء وفيض الازدهار الاقتصادي والعمراني الهائل الذي عرفته على مدى العقود الخمسة الماضية بلغ أوجه، مؤكدة اليوم على مكانتها كحاضرة عصرية، ومنفتحة ومرحبة بالاستثمار.
وتكتسي احتفالات هذا العام بعدا استثنائيا، منتشية باعتماد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة القرار رقم 2797، الذي يكرس وجاهة مخطط الحكم الذاتي كإطار لتسوية النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية؛ وهو قرار يضاعف بهجة الساكنة المتشبثة بعمق مغربيتها.
وفي غمرة هذه الأجواء البهيجة، لا تنام العيون، إذ يغتنم الأهالي والزوار الأجواء الأنيسة للتجوال حتى وقت متأخر من الليل، مخلدين بعدسات كاميرات هواتفهم العروض الضوئية الساحرة التي تتلألأ في سماء المدينة.
وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أوضح رئيس مكتب الإنارة العمومية بجماعة العيون، ابراهيم لفديلي، أن الجماعة قد أطلقت في هذا الإطار عملية واسعة لتزيين المدينة استعدادا لهذه الاحتفالات.
وأضاف أن هذه المبادرة أحدثت تحولا عميقا في المشهد الحضري بفضل إنارة احتفالية وفنية تتميز عن الإضاءة العمومية المعتادة، مبرزا أن الأمر يتعلق بتثبيت تجهيزات ضوئية من الجيل الجديد، تجمع بين الجانب العصري والإلهام المستمد من التراث.
ويشمل المشروع توفير وتركيب 170 آلية للديكور و29 بنية ضوئية معقدة، تستوحي رونقها من التقاليد المغربية الأصيلة، فضلا عن أقواس ضوئية تعبر الشوارع الرئيسية، والأضواء المسلطة على أشجار النخيل والمساحات الخضراء، بالإضافة إلى نظام التحكم في الإضاءة الملونة المخصص لتزيين واجهات المباني.
من جانبه، قال الكاتب العام لجمعية “النجاح للتنمية الاجتماعية”، محمد سالم لكحل، إن الزخارف الضوئية التي تم وضعها بمناسبة الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء تضفي طابعا خاصا ومميزا على ليالي مدينة العيون.
وأضاف السيد لكحل: “بصفتنا مجتمعا مدنيا، لا يسعنا إلا أن نكون سعداء بهذه التحول اللافت للعيون إلى مدينة للأنوار بهذه المناسبة العظيمة، خاصة وأنها تتزامن مع القرار الأممي الذي يكرس وجاهة مبادرة الحكم الذاتي”.
كما تشهد المدينة ازدهارا خاصا يتجسد في تدشين وإطلاق سلسلة من المشاريع المهيكلة الهادفة إلى تعزيز بنيتها التحتية ومواكبة نمائها الحضري المتصاعد، وذلك في انسجام تام مع النموذج التنموي للأقاليم الجنوبية الذي أطلقه جلالة الملك محمد السادس سنة 2015.
وفي سياق هذه الدينامية، خضع قصر المؤتمرات بالعيون لعملية تجديد وتأهيل كاملة، وبات اليوم يطل بهيبة على ساحة المشور التي يعتلي مسرحها ألمع نجوم المشهد الفني.
وتقف المدينة، في ذكرى اليوبيل الذهبي لملحمة المسيرة الخضراء المظفرة، شامخة كشاهد على عظمة الإنجازات التي حققتها المملكة في أقاليمها الجنوبية، لتملأ قلوب قاطنيها وزوارها بالفخر والامتنان.